IMLebanon

ترشيح فرنجية في ميزان التحوّلات الإقليمية

تجزم مراجع سياسية عملياً بأنّ قوى «8 آذار»، أو معظمها، تبنّت ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وأنّ الأخير بات يتصرّف وفق هذا المعطى الجديد.

زيارة فرنجية لباريس التي عادَ فيها رجل الاعمال جيلبير شاغوري في المستشفى، تخلّلها بالفعل لقاء مع الرئيس سعد الحريري، وترشيحه يأتي في ظلّ تحوّلات كبيرة ينتظر أن تحصل في سوريا، بحيث يكون انتخابه رئيساً (اذا حصل) توازناً في مشهد سيؤدّي في النهاية الى بدء مرحلة انتقالية في سوريا، تفضي الى تحديد مصير الرئيس بشار الاسد.

ثمّة مؤشرات متضاربة على هذا الترشيح وتبنّيه، فالمبادرة التي اطلقها الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، حول تسوية شاملة تتضمّن الرئاسة والحكومة وقانون الانتخاب، أوصلت رسالة واضحة مفادها أنّ «حزب الله» مستعدّ للتخلي عن ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، وقد قال رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد على طاولة الحوار في ملف الرئاسة إنّ «الشخص لا يعود مهماً اذا كان الوطن سيحترق». وأضاف: «لماذا تستغربون مبادرة السيد نصرالله؟ هذا طرحنا الدائم».

ويُعتبر هذا الكلام الذي يصدر للمرة الأولى عن «حزب الله» جديداً، وهو يتجاوز الكلام الذي يقوله بعض نواب الحزب تمسّكاً بترشيح عون، كذلك يتجاوز التطمين المستمرّ الذي يحرص الحزب على تهدئة حليفه به، كلما لاحت بشائر التسوية الرئاسية، علماً أنه سبق لـ»حزب الله» أن فعل الأمر نفسه في الدوحة، حين أبلغ عون بانتخاب الرئيس ميشال سليمان في اللحظات الأخيرة.

في المشهد الاقليمي والدولي، ثمّة ما يُشبه مرحلة الدوحة، خصوصاً في سوريا، حيث يُنتظر أن تشهد الازمة السورية تسارعاً في جهود الحلّ الدولية، وهذا يعني لبنانياً انسحاب «حزب الله» من سوريا، والبدء بالكلام عن التسوية الشاملة التي تمنع حصول الانهيار الكامل للمؤسسات، والتي تقطع الطريق على الفوضى الأمنية.

فهل يكون خيار انتخاب فرنجية هو خيار المرحلة، وهل سيستطيع من يسوّقون هذا الخيار، تمرير ترشيح فرنجية في حقل ألغام «الفيتوات» الاقليمية، وأوّلها «الفيتو» السعودي الذي يرى في فرنجية «رجل الاسد» في لبنان، والحليف الأكثر وثوقاً لـ»حزب الله».

من الناحية العملية، نجح فرنجية في تسويق نفسه لدى بعض رموز «14 آذار»، وكان أداؤه مدروساً في الفترة الماضية حيث حرص على أخذ مسافة من عون في أكثر من محطة، وبدا ذلك واضحاً في موقفه من الجلسة التشريعية التي حضرها مستبقاً موقف حليفه المسيحي.

أحد المسوّقين لانتخاب فرنجية وزير بارز اشتهر ببراغماتيّته في المرحلة الأخيرة، وهو يرى اليوم ضرورة في ملاقاة مبادرة نصرالله، التي تعني عملياً تقاسم الرئاسة الاولى والثالثة بين «14 و8 آذار»، والاتفاق على قانون انتخاب لاجراء الانتخابات النيابية.

الفائدة من هذا الطرح تعني عودة رئاسة الحكومة الى تيار «المستقبل» (سواءٌ عاد الحريري أو لم يعد) وقطع الطريق على الفوضى الآتية بفعل تعطيل المؤسسات، وملاقاة «حزب الله» في حال قرّر العودة من سوريا، لعدم تحوّل هذه العودة مأزقاً وطنياً، كما حصل بعد حرب العام 2006.

إلّا أنّ هذا الرأي داخل «14 آذار» يُلاقيه رأي آخر معارض تماماً، يرى في مبادرة نصرالله تكراراً لـ»بروفة» الدوحة التي تمّ الانقلاب عليها عام 2010 بعد إسقاط حكومة الحريري. ويرى أصحاب هذا الرأي أنّ الاتفاق على السلة المتكاملة هو عملياً افراغ لاتفاق لطائف من مضمونه، عبر اشتراط تأليف حكومة الثلث المعطل التي تعني فقدان الحاجة لإجراء انتخابات نيابية، كذلك تعني وضع «الطائف» في «الإقامة الجبرية»، في انتظار دستور جديد قائم على المثالثة.