ترشيح فرنجية يُعيد خلط الأوراق السياسية
وتساؤلات عن كيفية تجاوز عقبتي عون وجعجع
خلط الأوراق الذي أحدثته تداعيات اللقاء بين رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري ورئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ستكون له بالتأكيد انعكاسات داخلية في صفوف فريقي «8 و14 آذار»، ريثما تتضح أكثر معالم التسوية التي يعمل عليها إذا ما سارت الأمور على الطريق الصحيح، وكان هناك توافق على إنهاء الشغور الرئاسي القائم منذ أكثر من سنة ونصف السنة، من خلال دعم ترشيح فرنجية للرئاسة الأولى، باعتبار أنه خيار جدي، كما أكد لـ «اللواء» قيادي بارز في قوى «14 آذار»، لكن من دون إغفال العراقيل الكثيرة التي تعترض نائب زغرتا في الوصول إلى بعبدا، باعتبار أن الرئيس الحريري لا يستطيع وحده انتخاب الرئيس العتيد، وإنما هناك دور أساسي للقوى السياسية الأخرى في تحقيق هذا الهدف وتأمين نصاب الجلسة لانتخاب فرنجية أو سواه لإخراج البلد من أزمته التي تهدد بشل باقي المؤسسات الدستورية، إضافة إلى آثارها السلبية على الوضعين الأمني والاقتصادي.
ويشدد القيادي على أن هناك حاجة ضرورية لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت لأنه ما عاد ممكناً تحمل نتائج الفراغ وغياب المؤسسات، ولذلك لاقى الرئيس الحريري الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في التسوية التي طرحها، بهدف سلوك طريق الحل وإخراج لبنان من هذا المأزق الذي ينذر بمضاعفات خطيرة إذا بقيت الأمور على ما هي عليه من دون معالجة، واستمرت سياسة المكابرة والتعنت، معتبراً أن الأيام المقبلة كفيلة بتظهير مواقف جميع الأطراف من مسألة ترشيح فرنجية الذي أصبح خياراً جدياً، لكن الأمور بحاجة إلى الكثير من الجهد لإقناع بقية الأطراف بهذا الخيار، خاصة «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» اللذين يتحفظان كثيراً على الطريقة التي أعلن فيها عن خبر اللقاء بين الحريري وفرنجية، لأنهما لم يعلما به إلا من الإعلام، وهذا ما أثار امتعاضاً داخلياً في صفوف الطرفين، ينتظر أن تتم معالجته من خلال الاتصالات التي ستجري في المرحلة المقبلة، حيث علمت «اللواء» من مصادر متابعة أنه يرجح أن يقوم النائب فرنجية بزيارة إلى «الرابية» للقاء النائب ميشال عون ووضعه في أجواء لقائه بالرئيس الحريري والتأكيد من دارة رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» أن النائب عون لا يزال المرشح الأول من قبل فريق «8 آذار» لرئاسة الجمهورية، وإذا كان هناك خيار آخر، فسيكون حكماً بالتوافق بين جميع مكونات «8 آذار»، في حين يرجح كذلك أن يقوم موفدون للرئيس الحريري بزيارة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وإطلاعه على التفاصيل المتعلقة بلقاء باريس وتنسيق المواقف من المرحلة المقبلة، باعتبار أنه لا يمكن لـ «تيار المستقبل» أو أي مكون آخر من «14 آذار» أن يتبنى ترشيح فرنجية، إلا بموافقة «القوات اللبنانية» ورئيسها، سيما وأنه يفترض حصول مصالحة بين جعجع وفرنجية تطوي صفحة خلافاتهما السابقة لتوفير الغطاء المسيحي المطلوب لوصول رئيس «المردة» إلى قصر بعبدا.
والسؤال الذي يُطرح هنا، هل أن ترشيح فرنجية جاء بضوء أخضر إقليمي دولي وأن ساعة إجراء الاستحقاق الرئاسي قد حانت؟
يجيب القيادي في «تيار المستقبل»، أن القوى الإقليمية والدولية المؤثرة على الساحة اللبنانية وبالنظر إلى ما تشهده المنطقة، تعتبر أن اللبنانيين هم الذين يجب أن يقرروا مصير الاستحقاق الرئاسي، وبالتالي بعد سنة ونصف السنة على الشغور في موقع الرئاسة الأولى وعندما وجد الرئيس الحريري الأبواب موصدة، كان تجاوبه مع مبادرة السيد نصرالله، لأنه حريص على مصلحة لبنان ولا يريد إبقاء الشلل قائماً، على أمل أن تعي جميع الأطراف خطورة الوضع اللبناني وتعمل على تقديم التنازلات المطلوبة لإنجاح هذه التسوية وبما يوفر وصول فرنجية أو سواه بأكثر دعم ممكن ليستطيع الرئيس العتيد أن يقوم بدوره على صعيد إعادة تفعيل المؤسسات وحماية السلم الأهلي وتحصين الجبهة الداخلية عبر تعزيز الحوار ومد الجسور بين اللبنانيين، على أن يأتي ذلك متزامناً مع إمكانية حصول تطورات إيجابية في سوريا تساعد على إنهاء الصراع المسلح في إطار مرحلة انتقالية تنهي الحرب وتفتح صفحة جديدة بين السوريين.