الإستحقاق الرئاسي وقانون الإنتخاب ملفان أساسيان حضرا بالأمس على طاولة الحوار الوطني، ولكن من دون أن يتم التطرّق إليهما بشكل مباشر نظراً للمحاذير المتعدّدة التي تحول دون مقاربة المتحاورين في عين التينة إلى المعادلة الرئاسية الجديدة التي لا بد أن تفرض نفسها بقوة في الجلسات المقبلة، وإن كان الرئيس نبيه بري قد نجح في إبعاد كأس المبادرة الحريرية عن طاولة الحوار لعدم الدخول في أي مواجهات مباشرة بين المتحاورين.
وفي هذا السياق، أكدت مصادر نيابية مشاركة أن «ملائكة» المبادرة الرئاسية كانت حاضرة، ولو ان المناقشات سلكت مساراً بعيداً عن الإستحقاق الرئاسي، في حين سُجّلت على هامش الجلسة مشاورات جانبية تناولت ترشّح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، في ضوء ردود الفعل الخاصة بالأطراف المتحاورة بشكل خاص، وغالبيتها قريبة من النائب فرنجية المشارك في هذا الحوار. وقالت هذه المصادر أن البقاء على هامش هذه المبادرة في كل الحورات الجارية، ولا سيما في الحوار الوطني، الذي كان أدرج الإستحقاق الرئاسي في أولوياته، لن يدوم طويلاً، لأن كل المسوّغات التي كانت تساق لربط الإستحقاق الرئاسي بالعوامل الخارجية، قد سقطت، بحيث بات الحديث عن التوافق الدولي والإقليمي مجرّد حجّة واهية لم تعد تقنع أي طرف سياسي، خصوصاً بعد الترحيب الديبلوماسي الغربي، كما الإقليمي لترشيح فرنجية، والذي كان وضع رئاسة الجمهورية أمام مرحلة جديدة، إذ انتقلت من تقطيع الوقت إلى الطرح العملي الذي يحظى بغطاء خارجي واضح وصريح.
وكشفت المصادر النيابية نفسها، أن التوتّر اللافت الذي سُجّل بالأمس على طاولة الحوار نتيجة حال الترقّب والإنتظار لأي مستجدّات على صعيد هذه المبادرة، لا سيما أن المعنيين ما زالوا يتحاشون التعليق المباشر عليها، قد ساهمت حال التوتّر هذه في وضع المبادرة جانباً في الوقت الراهن، ولكن ليس لوقت طويل، وذلك ريثما تتوضّح المواقف النهائية بقيادة فريق 8 آذار.
وأضافت المصادر ذاتها، أن هذا الواقع لن يدوم طويلاً، إذ لا يمكن لطاولة الحوار أن تتجنّب بعد الآن، وتحديداً في جلستها المقبلة، التعاطي مع مبادرة الرئيس سعد الحريري، خاصة أنها تتلاقى مع ما سبق وأكده المتحاورون حول الإستحقاق الرئاسي من مواصفات لرئيس الجمهورية في الجلسات الماضية. وفي سياق متصل، لفتت المصادر عينها، إلى أن الموضوع الأساسي الذي جرت مناقشته بالأمس، تناول آلية العمل الحكومي وكيفية إعادة إطلاق الإنتاجية في مجلس الوزراء بعد تضخّم جدول الأعمال الذي يضم ما يزيد عن سبعماية بند تنتظر الإقرار وكلها تُعنى بشؤون المواطنين، وليست بنوداً سياسية، ولكن، تابعت المصادر، لم يتم التوصّل إلى أي خلاصة في هذا الإطار. وأضافت، أن الملف الحكومي قد بُحث بشكل مفصّل في اجتماع عُقد بين الرئيسين بري وتمام سلام والوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل.
وخلصت المصادر النيابية عينها، إلى أن المتحاورين استقرّوا على مواقفهم المعلنة إزاء عنواني تفعيل عمل الحكومة وقانون الإنتخابات النيابية، الذي ما زال يُبحث في إطار اللجنة النيابية المختصّة، فيما بقيت المبادرة الرئاسية عنواناً بارزاً جرى بحثه بعيداً عن الأضواء، وفي لقاءات جانبية بين أكثر من شخصية شاركت في جلسة الحوار الوطني في عين التينة بالأمس.