منذ اليوم الأول للإعلان عن ترشيح النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية كتبنا هنا مقالاً بعنوان »سليمان فرنجية مرشح طبيعي« إنطلاقاً من إقتناعنا بأن الرجل ليس طارئاً على اللعبة الترشحية، ولا على اللعبة السياسية، ولا على الحيثية، بالرغم من أنه لايزال في مقتبل العمر السياسي.
وفي اليوم التالي كتبنا نقول إن الترشح جدّي لأنّ الرجل ليس من الذين يستسيغون الألاعيب السياسية، ولا هو يقبل أن يكون »الرابوق« الذي يوضع في الواجهة بينما الحقيقة تكون في مكان آخر.
حدث ذلك في وقت كان التشكيك في جدّية الترشيح، يبلغ مداه. واليوم تنكشف الوقائع عن أن سليمان فرنجية ليس مرشح الثلاثي سعد الحريري – نبيه بري – وليد جنبلاط وحسب، بل هو مرشح إقليمي ودولي، وعلى نطاق واسع.
فعندما تكون المملكة العربية السعودية قد »باركت« (بلسان سفيرها في لبنان) وتكون إيران قد »إستعجلت« اكتمال العملية الإنتخابية، ويكون بان كي مون يحث القيادات اللبنانية على تسريع خطوات الحل، ويكون فرانسوا هولاند المنشغل بالتطورات الإستثنائية الخطيرة داخل بلده ويجد فسحة من الوقت ليتصل بالمرشح سليمان فرنجية وهو يستعد للتوجه الى البارجة شارل ديغول ليتفقدها في البحر المتوسط… عندما يحدث ذلك كله لا يمكن، أو لم يعد مسموحاً، التشكيك بجدية الترشيح.
ثم تأتي »البركة الرسولية« من المرجعية المسيحية اللبنانية من بكركي وبلسان غبطة البطريرك بشارة الراعي شخصياً بعدما بادر نائبه العام المطران مظلوم الى الترحيب فور صدور خبر الترشيح… عندما يحصل ذلك كله لم يعد ثمة مجال للأسئلة والتساؤل حول الأطراف الداعمة.
هل هذا يعني أن سليمان فرنجية بات يحمل لقب فخامة الرئيس سلفاً؟ المنطق يورد الجواب بالإيجاب. إلاّ أنّ هذا لا يعني أن الصعوبات الأخرى باتت غير موجودة. ولكن إمكان تخطيها ممكن وإن لم يكن محسوماً .
طبعاً أبرز تلك الصعوبات التحرج الذي يواجهه حزب اللّه قياساً الى علاقته بالجنرال ميشال عون الذي يجد نفسه، في نهاية السباق الرئاسي وكأنه مخدوع أو في حكم المخدوع. وليجد أن الكأس المرة التي تجرعها في إنتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً عادت اليه مرة ثانية، وأمامه، هذه المرة، كأسان إحداهما أمر من الأخرى. فويله إن وافق وويله إن عارض، ولا ضرورة للإغراق في الشرح والتفسير.
وفي التقدير أنّ السعي الى تخريج إنتخاب فرنجية بالإجماع أو بشبه الإجماع ليس بالأمر السهل. فالمعلومات المتوافرة تحمل الكثير من علامات الإستفهام. والديبلوماسيون الغربيون لديهم صيغة مختلفة سواء حول موقف المملكة العربية السعودية أم موقف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. ويقولون إن الموقفين يتقاطعان عند نقطة جوهرية وهي »مصلحة المسيحيين« في هذه المرحلة المعروفة في المنطقة، وبالتالي ضرورة تأمين توافق واجماع مسيحي (خصوصاً الجنرال عون والدكتور جعجع والكتائب) على الرئيس، وقانون إنتخابي »عادل« وتحييد لبنان بالذات إزاء العلاقة مع سوريا والأحداث الدائرة فيها.
باختصار يبدو أن قطار فرنجية الذي قلّع بقوة على السكة الثابتة، ثمة عثرات جدّية تعترض طريقه ليست من النوع الذي يمكن تجاوزه بانتخابات رئاسية تـُجرى خلال أيام، وقد ظهر بعضها خلال لقاءي البطريرك الراعي، أمس، مع رئيس الكتائب والتيار الوطني الحر.