غريب أمر هؤلاء الأقوياء المرشحين لرئاسة الجمهورية… إِنّهم لا يقبلون بمرشح منهم، ولا يقبلون بمرشح غيرهم، ولا ينزاحون من أمام الترشيح.
النائب سليمان فرنجية ليس أفضل المرشحين للرئاسة، إلّا أنه يتقدم على منافسيه الحصريّين إذا ما اعتمدنا المواصفات التي حدّدها البطريرك نصرالله
صفير للمرشح: «بأن لا يخجل حاضره من ماضيه…» وقد قيل: إن من يطلق النار من مسدسه على ماضيه، يطلق المستقبل نار مدافعه عليه.
وإذا كان النائب فرنجية ليس من الذين يمثلون نظرية أفلاطون التي تتطلّع الى حكم الفلاسفة، فهل هناك في المقابل مَنْ إسمه «شكسبير» الذي يمتلك من ميادين المعرفة أبرزها: في القانون والأدب واللاهوت والطب والتاريخ والفلك والميثولوجيا… وحتى في الطهو.
ولماذا إذاً هذا الإستئثار الشخصي المتمرّد بالرئاسة، والتي أصبحت أشبه بالعانس بفضل هؤلاء المطوّبين وحدهم آلهة للمعبد المقدس، وكأنما غيرهم من «الفرِّيسيين» الذين تنكروا للشريعة وخاضوا حروب إلغاء البيت الماروني وجعلوه مغارة للصوص.
لماذا يصنِّف هؤلاء الأقوياء أنفسهم أبطالاً أسطوريين كأن قوتهم الخارقة تصارع تلك التي اشتهر بها «هرقل» الروماني، وكل من عداهم أقزام من الضعفاء وأشباه من الرجال.
إذا سلمنا بأن الفحوصات الطبية قد أثبتت أن الموارنة ليس بينهم رجال أصحَّاء، ما خلا هؤلاء الأقوياء، فهل يدرك الغافلون أن السواد الأعظم من اللبنانيين موارنة وغير موارنة باتوا يفضلون ألف مرة الرؤساء الضعفاء الذين لا يخجل حاضرهم من ماضيهم، حتى وإن كان هؤلاء الضعفاء على غرار الملك الفرنسي لويس الثالث عشر الذي كان معتلّ الصحة مضطرباً.
ملكٌ عليلٌ أفضل من مملكة زائلة…
ورئيس مضطرب أفضل من بلاد يعمُّها الخراب والإضطراب وعلى أبوابها تتربص الذئاب فاغرة اشداقها.
من غريب ما قرأنا: أن إحدى كبريات السفارات أقامت مأدبة غداء على شرف ممثلين للأقوياء المسيحيين ولمسيحيين مستقلين لتستحثَّ شرفهم حيال حتمية الذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية، وأمام هذه الوليمة تتساقط آخر أوراق أكاليل الغار فنقول بلسان الشاعر أحمد شوقي في مسرحية كليوبترا…
لا تسيروا على ولائـمِ رومـا سَرَفـاً في العقوقِ واستهتـارا
كلما أولمَتْ أساءتْ الى العقلِ وجرَّتْ على الحضارةِ عاراً.