بعد عشر سنوات، «رزق» فريق 14 آذار بـ»مجلس وطني»، طبق الأصل عن شقيقته «الأمانة العامّة». أكثر من 300 شخصية آذارية مستقلّة التقت في قاعة مغلقة في البيال، أمس، لانتخاب النائب السابق سمير فرنجية رئيساً لـ«المجلس الوطني لـ14 آذار» من خارج القيد الطائفي. من ناحية الإطار الفكري وهامش الحركة السياسية، يعدّ فرنجية بمثابة توأم للمنسق العام للأمانة فارس سعيد، ما يُنبئ بعشر سنوات أخرى من المؤتمرات والوثائق الممجوجة والمكررة!
فور إعلان فوز فرنجية برئاسة المجلس بعد نيله 237 صوتاً مقابل 32 صوتاً لمنافسه فوزي فري، غادرت أكثرية الحضور القاعة، علماً بأن كلّ التصريحات التي سبقت اللقاء أكدّت انتخاب هيئة مكتب وهيئة عامة ولجان. مصادر المجلس أكدت لـ»الأخبار» إرجاء الانتخابات ثلاثة أشهر لئلا توصف بـ«المعلّبة». لكن هذه «الدعسة الناقصة» سلبت المجلس، وفق المصادر نفسها، فرصة «تقديم وجوه جديدة»، لأن «سمير فرنجية شخصية معروفة، وكان معروفاً بأن رئاسة المجلس ستؤول إليه». وتفيد المعلومات بأن سعيد سعى جاهداً إلى «تتويج» شخصية على رأس المجلس لا تشكّل إزعاجاً له، بل تقوم بدور مكمّل لأمانته، وهو بذل جهوداً لمنافسة فرنجية بشخصية آذارية مغمورة، ولتفادي ترشيح النائب مروان حمادة «الذي يتمتع بشخصية أكثر دينامية يمكن أن تخطف الضوء منه ومن الأمانة العامة وتاريخها الحافل بالمشاكل مع الأحزاب والحياديين والمستقلّين»، علماً بأن عدداً كبيراً من المستقلين قاطعوا انتخابات المجلس أمس، وهو ما عبّرت عنه الصحافية مي شدياق على صفحتها على «فايسبوك» حين سألت: «كيف يكون المجلس الوطني جامعاً للمستقلين والعديد من هؤلاء مغيبون؟
لماذا الإبقاء على مستقلّين في الأمانة العامة لا يمثّلون إلاّ أنفسهم ولا يتمّ ضمّهم الى المجلس الوطني؟ أسئلة كثيرة وأجوبة غير مقنعة. 14 أذار جوهرة بين يدينا لكن الإدارة الخاطئة أفرغتها من ألقها»!
ما الذي يُمكن أن يضيفه فرنجية ومجلسه الى فريق 14 آذار غير طاولة أعطيت للمستقلّين بعد أن ضاقت بهم طاولة الأمانة العامة؟
ففيما كان الهدف الأساس من المجلس، كما عبرّت شخصيات مستقلّة، «استنهاض الهمم وشدّ العصب الاستقلالي المتعب»، يبدو أنه في المرحلة الحالية حاجة لتيار المستقبل أكثر منه حاجة لأي مكوّن آخر في 14 آذار.
المجلس حاجة مستقبلية
أكثر منه حاجة لأي مكون
آخر في 14 آذار
فبعد خروج أقطاب أساسية من تحت عباءة هذا الفريق، والسياسة المتمايزة لحزب الكتائب، والتحوّل القواتي بالانفتاح على التيار الوطني الحر، يجد المستقبل نفسه في حاجة إلى مظلة مسيحية يمكن التعويل عليها في تبنّي خطاب لن يكون بمقدور الأحزاب المسيحية الأخرى اعتماده في ظل سياساتها وتموضعاتها الجديدة. وهي مظلة سيدفع المستقبل ثمنها «موازنة للمجلس الوطني كما هي حال الأمانة العامة»، إذ أكدت مصادر آذارية أن «الدفع بدأ منذ أمس مع تكاليف لقاء البيال التي تكفّل بها تيار المستقبل».
وقد افتتح سعيد المؤتمر أمس، فأكد أن الذين «شاركوا اليوم في أعمال إنشاء وبناء المجلس الوطني، هؤلاء واكبوا 14 آذار كل من موقعه، وهم الذين يطالبون ببناء دولة مدنية حتى حدود الفصل التام بين الدين والسياسة». بعدها ترأس الجلسة كبير السن غالب ياغي، رئيس بلدية بعلبك السابق، لتبدأ عملية انتخاب الرئيس. وفور إعلان فوزه، جدّد فرنجية في كلمة مقتضبة أهداف المجلس، داعياً جميع اللبنانيين من دون تمييز الى التشارك في الإعداد لـ«انتفاضة سلام تخرجنا من مآسي الماضي وتؤسّس لمستقبل أفضل لنا جميعاً».