يبدو أن «عاصفة الحزم» تهبّ مرّتين. مرة على اليمن وأخرى على لبنان. ترسانتها العسكرية تستهدف الحوثيين (ذراع ايران في اليمن)، في صنعاء وعدن وتعز والضالع ومحافظات أخرى، وشظاياها تضرب بيروت.
لبنانياً، لم تنتهِ مفاعيل خطاب السيد حسن نصرالله بعد. بين كلام الأمين العام لحزب الله والردود عليه، يتوسّع «بيكار» المواجهة الداخلية على خلفية الحرب اليمنية، ليأخذ أشكالاً وأبعاداً مختلفة. منها الإعلامية بين قناة «الجديد« وجواد نصرالله، نجل «سيّد المقاومة»، ومنها السياسية بين «حزب الله« ومؤسّسه الشيخ صبحي الطفيلي.. والحبل على الجرار.
نصرالله، المصدوم من عواصف المنطقة، لم يرفع اصبعه بوجه اللبنانيين، ولم يَعِد جمهوره وحلفاءه وخصومه بالمفاجآت. تمسّك الأمين العام للحزب بالحوار مع تيار المستقبل، على وقع الصفعة التي تلقتها ايران في اليمن، وتراجع «الحشد الشعبي» والميليشيات الايرانية في «تكريت»، وتقدّم المعارضة السورية في ميدان الشمال والجنوب.
كما أن السيّد رفض اتهام ايران وحزبه بتعطيل انتخابات الرئاسة، «فالمسؤولية عن ذلك تقع على عاتق السعوديين الذين يضعون فيتو على مرشح يمثّل الحيثية المسيحية الأكبر»، بحسب قوله.
هنا، يصف القيادي في 14 آذار النائب السابق سمير فرنجية اتهام السعوديين بتعطيل الرئاسة، والحديث عن الحيثية المسيحية بـ»بلا قيمة»، «ففي بلد يتّبع نظاماً برلمانياً، حيث يُنتخب الرئيس بناء على خيار النواب، لا يمكن الحديث عمّن يمتلك حيثية مسيحية أكبر».
ويتابع فرنجية، «إن كان حزب الله يخشى على رئاسة الجمهورية، فما عليه الا المشاركة وحليفه العوني بجلسات انتخاب الرئيس. وإن كان يضمن ايصال رئيس للجمهورية الى بعبدا، فليمارس قناعاته هذه في المكان المطلوب».
وعن «عاصفة الحزم»، يؤكد أن «المشهد العام في المنطقة يتغيّر، وبات من الضرورة تجازو اوضاعنا السابقة، فلا البلد ولا المنطقة يمكنهما أن يكملا وفق هذا النمط. كما أن لبنان، بمكوّناته وتنوعّه، ممكن أن يكون المدخل لتجاوز هذا الوضع».
ويتمنى «لو يتواصل حزب الله مع ايران بهدف تخفيف تصاريحها الاستفزازية، وبخاصة تلك التي تتحدّث عن استعادة الامبراطورية الفارسية والسيطرة على 4 عواصم عربية«، مؤكداً أن «أي خطوة ايجابية من حزب الله ستلاقي تجاوباً من جميع الاطراف«.
على صعيد المحكمة الدولية، أكد نصرالله أن «حزب الله لا يعير أي اهتمام للأصوات في المحكمة»، مطالباً جمهوره بعدم الاهتمام ! حبّذا لو يطالب نصرالله منظومته الإعلامية بعدم الاكتراث لافادة الرئيس فؤاد السنيورة وغيره من الشهود في المحكمة. نسي نصرالله أو تناسى أن أقلاماً تدور في فلكه، اطلقت تهديداتها باتجاه الرئيس السنيورة مذ اعلن توجّهه الى المحكمة الدولية للادلاء بإفادته. لا بأس. ربما يسمح فائض الديموقراطية داخل حزب الله بإبداء الرأي وبتوجيه العناصر والمسؤولين الرسائل والتهديدات دون رضا «سيّدهم»!
يبدو أن مفاعيل «عاصفة الحزم» لبنانياً.. «مكملة»، والمواجهات الداخلية آخذة بالتوسّع، ليس آخرها الاشتباك الاعلامي على محور وطى المصيطبة-حارة حريك بين قناة «الجديد» ونجل نصرالله، وعلى محور حارة حريك- بريتال بين «حزب الله« والشيخ صبحي الطفيلي، الذي توجّه الى نصرالله بالقول:» أنت حزمت قبل أن يحزموا، وأنت عصفت قبل أن يعصفوا، والكلام الذي وجهته نحوهم تصيبك سهامه».
«العاصفة» اليمنية أدخلت عاملاً جديداً على خطاب «حزب الله«. ففي تصريح لافت، قال الشيخ نبيل قاووق، ان «المواجهة مع الخطر التكفيري داخل لبنان هي نفسها المواجهة مع الخطر التكفيري على مستوى المنطقة». قد يمهّد ذلك لعمل أمني ما تحت ستار «مكافحة الارهاب». ربما علينا انتظار خطاب نصرالله خلال الايام العشرة المقبلة، كما وعدنا في خطابه السابق، علّه يستفيض اكثر في شرح كلام قاووق تبعاً لتطورات الحرب اليمنية.
في حوار بعبدا عام 2012، تحمّس «حزب الله« لاعلان تحييد لبنان عن الحرب السورية، ثم ما لبث ان مزّق توقيعه حين جاء امر الولي الفقيه بالتدخل لإنقاذ الاسد. والآن، يدخل «حزب الله« في الحرب اليمنية على البحر الاحمر من البوابة الاعلامية، حتى اللحظة، متجاوزاً لبنان واللبنانيين والحكومة.