بدأت معالم التحالفات الإنتخابية ترتسم في بعض المناطق، وإن كان القانون النسبي يختلف عن القانون الأكثري لجهة الحدّ من المحادل والبوسطات، وإن كان الصوت التفضيلي هو الذي ستعمل القوى السياسية على الفوز به كدليل أساسي على تمثيلها الفعلي للناخبين. وإذا كان أعداء الأمس قد يصبحون أصدقاء اليوم خلال التحضير للإنتخابات النيابية المقبلة، فإنّ كلّ شيء متوقّع من التحالفات «الغريبة العجيبة» من أجل ربح مقعد أو اثنين في هذه الدائرة أو تلك.
وفيما يتعلّق بالعلاقة التي توتّرت أخيراً بين «القوّات اللبنانية» و«تيار المردة»، ورأى البعض أنّها عادت الى الوراء أشواطاً بعد التسجيل المسرّب للنائبة ستريدا جعجع خلال لقائها رابطة آل طوق في اوستراليا الذي «لم يأت في توقيته المناسب»، في الوقت الذي كان يجب أن تسلك فيه طريق المصالحة الفعلية قبل موعد الإنتخابات المقبلة في أيّار المقبل، فإنّ أوساطاً مقربة من القوات، تؤكّد أنّ ما حصل رغم الفداحة التي ظهر عليها، إلاّ أنّه «لن يُفسد في الودّ قضية»، على ما جرى من تكبير للقصّة، على الأقلّ بالنسبة للنائب سليمان فرنجية الذي أُرسل له التسجيل كاملاً غير المقتطع الذي سُرّب، ما جعله يتفهّم الأمر.
وتشرح الأوساط نفسها أنّ ما جاء على لسان ستريدا هو كلام مجتزأ من التصريح الذي أدلت به أمام مؤيّدي «القوّات اللبنانية» (على ما يُفترض)، وأنّها كانت تقوم بتوصيف الوضع بين أهالي بشرّي وزغرتا على ما كان عليه في الماضي (قبل نحو 30 عاماً) أي قبل أن تتزوّج من الدكتور جعجع في العام 1990 من حقد كبير، وبين اليوم مع التقارب الحاصل بين أبناء المنطقة نفسها.
والمفاجىء في الأمر هو ما كشفته الاوساط نفسها عن أنّ العلاقة بين «القوّات» و«المردة» لن تهتزّ بعد ما قالته جعجع، رغم أنّ المصالحة الحقيقية بينهما لم تتحقّق حتى الآن. في الوقت الذي يعتبر فيه المراقبون السياسيون أنّه لم يعد هناك أي مجال لعقد أي تحالف بينهما بعد ما جاء في شريط الفيديو المسرّب الذي أثار ضجّة وتوتّراً سياسياً وشعبياً بين أبناء بشرّي وزغرتا، وبين «القوّات» و«المردة».
وتقول الاوساط المقربة من القوات بأنّه رغم مطالبة «تيّار المردة» بـ «اعتذار واضح وصريح» من «القوّات»، مستهجناً ما ورد على لسان جعجع من «كلام مهين ومن حقد دفين لا يطالنا نحن فحسب، بل ينال من كرامة أبناء زغرتا الزاوية»، وذلك من أجل التخفيف من وطأة الغضب التي أصابت أهالي زغرتا، إلاّ أنّ الأمور قد حُلّت بين «القوّات» والوزير فرنجية الذي تفهّم الأمر. علماً أنّ ستريدا، على ما أضافت الأوساط نفسها، عادت وأوضحت أنّ كلامها أتى في سياق الحديث عن والدها وما قاله قبل 30 عاماً معبّراً فيه عن مدى حرصه على بشرّانيته وبلدته ومنطقته، معربة عن أسفها لأنّ البعض اجتزأ كلامها وأخذه إلى مكان آخر، لافتة إلى أنّها كانت تسرد حادثة جرت مع والدها، والكل يعلم كيف كانت العقلية القديمة. وهنا بيت القصيد أي أنّها كانت تقوم بالتمييز بين الماضي والحاضر، إلاّ أنّ البعض أخذ هذا الكلام في اتجاه غير مناسب، رغم تمنّيها أن لا يُفهم بطريقة خاطئة.
كما أكّدت الاوساط على حرصها على حصول مصالحة قريبة بين «القوّات» و»المردة»، وبالطبع قبل الإنتخابات النيابية المقبلة، بهدف طيّ الصفحة القديمة وفتح صفحة جديدة بين أبناء المنطقة الواحدة، على غرار مصالحة الجبل برعاية البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، وما حصل بين «القوّات» و«التيّار الوطني الحرّ» من خلال ورقة «إعلان النوايا». ولكن يبقى أن يوافق عليها النائب فرنجية لا سيما بعد أن يخفّ غضب أهالي زغرتا من تصريح جعجع الذين لم يجدوا فيه «زلّة لسان»، بل خطأ فادحاً أعاد نبش قبور الحرب الأهلية في الوقت الذي كانت فيه المصالحة البشرّواية- الزغرتاوية تسير على الطريق الصحيح من أجل فتح صفحة جديدة بين البلدتين والحزبين بعد سلسلة لقاءات عقدت بين الجانبين.
وإذ يجمع القانون الإنتخابي الجديد منطقتي زغرتا وبشرّي في دائرة واحدة، فإنّ التحالف الإنتخابي بين «القوّات» و«المردة» من شأنه أن يُعزّز وجودهما، على ما يقول المراقبون السياسيون، لهذا فإنّ المصالحة يجب أن تتخطّى ما جرى، أكان «زلّة لسان» أو خطأ غير مقصود، جاء في إطار التباهي، وذلك من أجل مصلحة المسيحيين وأهالي الدائرة ككلّ.
ويتساءلون أنّه في حال هضم أهالي زغرتا ما نقلته ستريدا من كلام جاء على لسان والدها لها من 30 عاماً عندما جاء جعجع الى منزلها ليطلب يدها منه، عن أنّ جعجع «بشرّاني أصيل ونزل دعوسلي هالزغرتاوية تحت»، علماً أنّهم يجدون بأنّه «خطأ أبدي» قد لا يسامحونها عليه، فكيف سيبلعون ما صرّحت به أخيراً خلال غداء في «الدلتون هاوس» في سيدني، وما قد يزيد «في الطين بلّة» عن أملها أو وعدها بأن «يصبح لدينا رئيس مستقبلاً من منطقة بشرّي»؟!