Site icon IMLebanon

فرنجية بانتظار النصاب «السياسي»

قبل اعلان ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية رسمياً استنفر باقي الاقطاب الموارنة كل على طريقته، وتحت شعار «لماذا هو وليس أنا».

ويبدو من قراءة المواقف والتطورات منذ «الاعلان الجدّي» لهذا الترشيح ان ساعة الحسم لم تحنّ، وان الزخم الذي ظهر مع بداية الكشف عن هذه المبادرة قد اصيب بنوع من الاهتزاز لاسباب تتصل بالداخل وبعض الخارج.

فعلى الصعيد الخارجي يتضح حتى الآن ان المملكة العربية السعودية تتبنّى وتدعم مبادرة الترشيح وفق معادلة متوازنة تأتي برئيس جمهورية من 8 آذار، مقابل رئىس حكومة صريح من 14 اذار وحتماً من تيار المستقبل، وربما حصرا بتسمية سعد الحريري.

اما الولايات المتحدة الاميركية، التي يقال ان سفيرها السابق في بيروت دايفيد هيل كان احد ابرز المشاركين في بلورة المبادرة، فهي لم تصدر موقفا صريحاً داعماً لترشيح فرنجية وان كانت قد ابلغت بعض من يعنيهم الامر انها لا تمانع ولا تقف في وجه هذا الترشيح انطلاقاً من رغبتها في «تجاوز لبنان لهذا الاستحقاق وتعزيز استقراره».

وحسب مصادر ديبلوماسية ان واشنطن تنتظر الترشيح الرسمي وما يقال عن عودة الحريري الى بيروت، لتولي هذه المبادرة او المهمة لاعلان مساندتها لبنان في التوافق على هذا المسار وفقا للتسوية المطروحة.

ومما لا شك فيه ان فرنسا اظهرت دعماً واضحاً للمبادرة من خلال الاتصال الذي اجراه الرئيس هولاند شخصياً مع فرنجية، او ما اكده ايضاً للحريري من مؤازرة وسعي فرنسيين لتحقيق التسوية وانجاز الاستحقاق الرئاسي.

اما طهران فهي اعلنت على لسان احد كبار مستشاري مرشدها علي ولايتي خلال زيارته للبنان انها تدعم توافق اللبنانيين لانتخاب الرئيس الجديد. ويعتبر هذا الموقف بنظر الاوساط تقليدياً في الشكل، ومفتوحاً على اكثر من تفسير واحتمال في التوقيت والمضمون.

ورغم ان فرنجية يرتبط بعلاقة ممتازة مع الرئيس الاسد فان دمشق فضّلت ترك القرار الى تقويم حلفائها في لبنان، لا سيما السيد نصرالله لسببين: اولا الحذر من تبني السعودية للمبادرة، وثانياً الاخذ بعين الاعتبار موقف وموقع العماد عون.

وفي المشهد الداخلي، احدثت المبادرة صدمة ايجابية في مسار الاستحقاق الرئاسي بعد اكثر من سنة ونصف السنة من الانتظار بعد سقوط أو فشل المحاولات السابقة، لا سيما تجربة معادلة ترشيح جعجع في وجه ترشيح عون.

فاذا كان استحضار 14 آذار لترشيح رئيس «القوات» مقابل ترشيح 8 آذار لزعيم «التيار الوطني الحر» قد فشل حتى في فرض ما يسمى بالمرشح الحيادي الوفاقي، فان «الفيتو» الذي حاصر الجنرال بعد فشل مفاوضاته مع «المستقبل» والرياض قد اضعفت من فرص وصوله الى قصر بعبدا الى حد كبير، وزاد من حجم المأزق الرئاسي في البلاد.

ويبدو ان المسيحيين المتضررين من ترشيح فرنجية قد اتفقوا على السعي الى تبرير هذه الصدمة الايجابية تمهيداً الى اسقاط المبادرة والقضاء عليها قبل استكمالها وترجمتها في صندوق الاقتراع.

واذا كان كل من الاقطاب الموارنة الثلاثة لم يعلن موقفا نهائياً وحاسماً من التسوية المطروحة، فان احدا منهم لم يخف معارضته لها. ويبرز في هذا الاطار موقف التيار العوني والتسريبات التي تداولها بعض وسائل الاعلام عن عزمه على اسقاطها والانتقال الى اتخاذ الخطوات والمواقف اللازمة في هذا الاطار بعد «الاعلان الرسمي» عنها.

ام موقف جعجع فهو لا يختلف عن موقف عون في الجوهر، لكنه يفضّل ابقاء هامش له من المناورة حتى اللحظة الاخيرة لسببين:

اولا: عدم اغضاب حليفه «المستقبل» وكسر الجرّة معه. وثانياً الرهان على مسارعة «الجنرال» على اطلاق الرصاصة الاولى على المبادرة.

ويتميز موقف الكتائب بأنه اكثر اعتدالا من موقفي عون وجعجع خصوصاً ان المجيء بفرنجية رئيسا لن يشكل له خسارة كالتي ستلحق بالاثنين، ولأن ما حصل من ثنائية في المواقف والتنسيق بين القوات والتيار الوطني الحر قد اظهر نوعا من اختصار الاطراف المسيحية الاخرى، ولم يراع موقف الحزب من الحوار او الجلسة التشريعية.

ووفقا للمراقبين فان المبادرة لترشيح فرنجية تحظى بدعم قويّ على مستوى الكتل النيابية وتؤمن اكثرية واضحة، وهي في مرحلة بلورة تأمين النصاب السياسي قبل النصاب الدستوري لتوفير مناخ انتخابه في المجلس النيابي.

وحسب المعطيات المتوافرة فان الايام القليلة المقبلة ستشهد حراكا ناشطا لبلورة وتعزيز المناخ الداعم للتسوية المرتقبة، مع الاشارة الى ان فرصة انتخاب فرنجية في جلسة السادس عشر من الشهر الجاري تراجعت نسبياً، ما يرجح الحاجة الى موعد آخر بعد عطلة الاعياد في مطلع العام المقبل.

وتقول مصادر مطلعة ان تراجع زخم مبادرة انتخاب فرنجية لا يعني التقليل من حجمها وقوتها، بقدر ما يعني تأخير موعد حسمها لتوفير كل العناصر الممكنة لتظهيرها وترجمتها.