Site icon IMLebanon

فرنجية لن ينسحب.. بعدما حقّق «المعجزة»!

لقاءان جمعا رئيس «المردة» والحريري في باريس

فرنجية لن ينسحب.. بعدما حقّق «المعجزة»!

تحت عنوان استمرار المبادرة الرئاسية واستكمال البحث بشأن التداعيات التي أحدثتها على مستوى الاصطفافات السياسية، اجتمع الرئيس سعد الحريري مع النائب سليمان فرنجية، وفق المعلومات، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين في العاصمة الباريسية.

لقاءان سبقا «اللقاء الكبير» في معراب، وخلصا الى نتيجة واحدة: ليس هناك طرح بديل جاهز حتى الساعة عن معادلة الحريري ـ فرنجية.. والمبادرة لم تمت.

الطرفان كانا يواكبان في الوقت نفسه تطوّرات مسار التلاقي الرئاسي بين ميشال عون وسمير جعجع، من دون أن يخرجا بقناعة أن «الجنرال» و «الحكيم» قادران على أخذ الرئاسة الى حيث يريدان، رغم استثنائية اللحظة المسيحية.

«حيطان» التواصل الاجتماعي قالت أكثر من ذلك. بعض الشخصيات القيادية في «تيار المردة» علّقت قائلة «يا ضيعانن راحوا. شو ما صار لكن راحوا». وأخرى ذهبت أبعد «ما عجز عنه الجميع طيلة ربع قرن.. حققته أنت وحدك! يكفينا فخراً! ونقول لهم العبرة في من يضحك أخيراً». أتى ذلك بعد تبليغ جبران باسيل النائب فرنجية هاتفيا قرار جعجع بإعلان تأييد عون للرئاسة من معراب قبل ساعات من «الحدث».

34 جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية لم تسهم في سحب سمير جعجع ترشيحه ووضعه في «رصيد» ميشال عون. دَعَم سعد الحريري سليمان فرنجية، فحصلت «العجيبة». المنحازون لـ«المبادرة الرئاسية» يتحدّثون عن كيدية سياسية أكثر من «المصلحة المسيحية»، وعن عوائق تقف أمام «تسييل» هذا الترشيح الى رئاسة لا تزال عالقة في «خرم» التفاهم السني ـ الشيعي. على الرغم من «نعي» مبادرة الحريري من جانب بعض شخصيات «تيار المستقبل» لـ«فقدان» التوافق الاقليمي والدولي مجدّدا حولها، لا يزال فريق أساسي ضمن محور «8 آذار» ينطق بغير لغة.

المتحمّسون لخيار فرنجية كثر، ولا يرون أن هذا الخيار هو إقصاء لعون بقدر ما هو استنفاد لمهلة السماح المعطاة له، ولأن الهدف هو المشروع وليس الشخص، ولأن ترشيح جعجع لعون ليس هو بالضرورة الممرّ الالزامي للرئاسة، فيما بكركي نفسها تنادي بأن الاستحقاق هو وطني وليس مسيحيا صرفاً. والأهمّ مدى القبول بمنطق «جعجع المنقذ».

وفي جعبة الفريق المؤيّد لوصول فرنجية ما يقوله، إن لجهة «التنكّر للالتزامات» أو لجهة المتوقّع من تقارب الخصمين المسيحيين.

ثلاث محطات، برأي هذا الفريق، تمّ تجاوزها والتنكّر لها كأنها لم تكن:

ـ احترام التواقيع والالتزامات في بكركي لجهة الإقرار بأن أي مرشّح من ضمن الاربعة الاقوياء يحصد إجماعا على اسمه لا يقابل بفيتو من البقية، مع ترك الحرية لعدم انتخابه على أن يجمع الرئيس المنتخب شملهم في عهده.

ـ مواصفات الرئيس التي أقرّت على طاولة الحوار، خصوصا لجهة التأييد الوطني والحيثية المسيحية.

ـ النقاش بين وسيطَي الرابية ومعراب قاد الى معياريَن رئاسيَين: رئيس قويّ في بيئته ويطمئن باقي المكوّنات المسيحية. وهو معيار ينطبق أساسا على فرنجية وليس على أي مرشّح آخر. مع إشارة هذا الفريق الى ان «ورقة النيات» لم تشر الى عبارة رئيس أكبر كتلة مسيحية، من ضمن المعايير المطلوبة، وهي كانت «تمريرة» مقصودة من عون الى جعجع.

وفي ردّة فعل أولية على تفاهم الثنائي المسيحي، ثمّة معادلة واحدة تتردّد من بنشعي وصولا الى بكفيا مرورا بالمستقلّين «لا أحد قادر على اختصار المسيحيين». مشهد يخلق النقزة في صفوف كل الخارجين عن عباءة «القطبين»، وكل لحساباته الخاصة به.

وما يقوله مؤيّدو فرنجية في هذا السياق يمكن أن يُسمَع على لسان مسيحيي «الأطراف» من خارج ثنائية عون ـ جعجع: هناك قوى أساسية اليوم تمثّل المسيحيين الى جانب «الجنرال» و «الحكيم». في المقام الاول تأتي بكركي ثم الأحزاب المسيحية والمستقلون. هناك مناطق انتخابية «مسكّرة» لبعض القيادات والشخصيات المسيحية ولا يمكن لثنائي عون ـ جعجع ان يخترقها أو يسجّل انتصارات فيها إلا بإيعاز منها. هناك مناطق يدين الثنائي المسيحي اليوم بوجوده فيها للزند الشيعي أو السنّي…

في الخلاصة، حاملو لواء فرنجية اليوم لا يرون في «إعلان معراب» ما يمكن أن يؤدّي الى سقوط المبادرة الرئاسية: بالمفهوم الشعبي، ثمّة من يرى فيها الخلاص من الأزمة الرئاسية. بالمفهوم السياسي، هي قادرة على حشد إجماع وطني أكثر عليها وعلى تكريس عودة «نوعية رجالات» الى قصر بعبدا شبيهة بما قبل الطائف.

أكثر من ذلك، يرى هؤلاء أن تلاقي عون وجعجع يفرضه تقاطع المصالح وغايات متناقضة. هدف الأول خلق ورقة سياسية جديدة تفيد بأن المسيحيين يؤيّدون وصوله الى رئاسة الجمهورية وتعطيل المبادرة الرئاسية، أما هدف جعجع فهو استغلال عون للوصول الى الرئيس التوافقي لأنه يدرك أن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» لن يصل الى قصر بعبدا، ولرهانه بأن ورقة فرنجية قد احترقت. مؤيّدو الأخير يجزمون في هذا السياق «طابة الرئاسة صارت في ملعب 8 آذار. إما عون وإما فرنجية.. لا خيار ثالثا».

وفي قناعة راصدي «النيات» العونية ـ القواتية الرئاسية ثابتتان: توافق الثنائي لن يكون كافيا لتغطية القرار المسيحي من الترشيح، أما النائب فرنجية فموقفه واضح: «ترشيح جعجع لعون سيقودني الى مجلس النواب للتصويت الى جانب حليفي المسيحي. لكن أريد جوابا صريحا بتصويت عون لي في مرحلة لاحقة في حال عدم توافر الغالبية المطلوبة لانتخابه رئيسا».

إذاً لا انسحاب من حلبة السباق الرئاسي بعد ترشيح جعجع لعون، ولا جلسة يتنافس فيها «الجنرال» مع «البيك». ولا داعي لأن ينشغل البعض بالـ «بوانتاج». مع ملاحظة: حتى الساعة لم يصل الجواب المطلوب الى بنشعي.

لكن ماذا عن الموقف من موقف «حزب الله»؟ المتحمّسون الدائمون لخيار فرنجية في فريق «8 آذار» يبقّون البحصة: موقف الحزب يرقى الى مستوى اللاموقف. الالتزام أخلاقيا بترشيح عون ليس بالضرورة هو الموقف السياسي، خصوصا ان فرنجية ليس من نوعية القيادات التي تفرّط بالثوابت من أجل المكاسب، وبالتالي قد يكون الأقرب الى قناعات الضاحية التي يهمّها المشروع بقدر الشخص. لا يمكن في هذا السياق تجاهل كون سليمان فرنجية اجتمع بـ«حزب الله» وببشار الاسد قبل أن يلتقي سعد الحريري في باريس، وهذا ما يمكن أن يفسّر استخدام عون لاحقا لـ «ورقة جعجع». هذه واقعة لا تمرّ مرور الكرام كأنها لم تكن. ولن يكون تفصيلا أن يقول رئيس المجلس السياسي في الحزب ابراهيم أمين السيد من بكركي إنه «كي تؤدي الطروحات الموجودة نتائجها المرجوّة يجب أن يتم الأمر من خلال قبول الجنرال عون أولاً»، من دون أن يرفق ذلك بإلزامية السير بخيار عون رئيسا، وهو الموقف الثابت لدى الحزب.

ويراهن الفريق نفسه على أن «حزب الله» المؤمن بالاستقرار الداخلي، ومن أحد عناوينه ربما عودة سعد الحريري، لن يصفّق لورقة تفاهم تجمع جعجع ليس فقط برئيس تكتل مسيحي إنما بمرشّح لرئاسة الجمهورية. هي ورقة عمل قد تقود الى تنازلات قد لا يرضى عنها الحزب. لن يكون قانون الانتخاب تفصيلا، ولا الوزارات السيادية، ولا إعادة توزيع مراكز النفوذ المسيحية في الإدارات والمؤسسات…

ومساء أمس، زار فرنجية بكركي والتقى البطريرك بشارة الراعي، ليعلن بعد الزيارة عبر «تويتر»: أنا ما زلت مرشحاً.. ومن يريدني يعرف عنوان منزلي.