حين وقع الإنفجار الذي استهدف بنك لبنان والمهجر في منطقة فردان، سارع وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى تصريح أشار فيه إلى أنّ هذا التفجير يأتي خارج سياق التهديدات الإرهابية التي تملكها الأجهزة الأمنية.
إستنتج المتابعون والمراقبون عندها أنَّ هناك تهديدات إرهابية بتفجيرات، لكن تفجير لبنان والمهجر لم يكن واحداً منها.
بعد أسبوع على ذلك التفجير، سُرِّبَت رواية عن أنَّ الأجهزة الأمنية أحبطت محاولة تفجير في أحد المجمَّعات التجارية في شرق بيروت، لكن بعد فترة، ولمناسبة مهرجان عيش الأشرفية، طمأن وزير السياحة ميشال فرعون، وفي حضور وزير الداخلية، إلى أنَّ الأمن مستقر، وأنَّ الأجهزة الأمنية متيقظة لاستباق أيِّ إرهاب.
بعد فترة وجيزة من هذه الواقعة، ضجت وسائل التواصل الإجتماعي بأنَّ الأجهزة الأمنية تتعقَّب سيارة اسعاف دخلت الضاحية الجنوبية أو تكون تتحضر للدخول إليها، وهناك احتمال أن تكون مفخخة.
لم يمضِ وقتٌ طويل على هذه الواقعة حتى تلاحقت التفجيرات الإنتحارية في بلدة القاع البقاعية، بوتيرة لم تعهدها العمليات الإنتحارية.
تقول الأجهزة المعنية إنّها كانت على عِلمٍ بأنَّ عمليات كانت تُحضَّر، تماماً كما هي على عِلمٍ بأنَّ عمليات تُحضَّر في بيروت، لكن المعضلة التي تواجهها هذه الأجهزة تتلخَّص بالتالي:
إذا كانت تملك المعطيات فإنَّ كشفها يُحدِث بلبلة، وإذا لم تُكشَف كيف يمكن للمواطنين أن يتنبَّهوا؟
تلك هي العقدة الكأداء، فإذا كشفت الأجهزة الأمنية ما تملك من معلومات عن أنَّ مجمَّعاً تجارياً قد يُستَهدَف، فإنها بذلك تكون قد قضت على الوضع التجاري في ذلك المجمّع، وإذا لم تنبِّه فقد تقع الواقعة وتسقط الخسائر.
هذه المعضلة لم تجد لها، حتى أرقى الدول، المعالجات الناجعة، إذ كيف يمكن التوفيق بين استقرار الأمن وإنعاش السياحة؟
البلد، اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل، سيكون في عيد لمناسبة الفطر المبارك:
هناك لبنانيون مغتربون سيأتون لتمضية العيد في لبنان، كما أنَّ المجمعات التجارية ستشهد حركة أكثر من عادية في مثل هذه المناسبات، وعليه فإنَّ هناك سباقاً محموماً بين الإجراءات الأمنية الإستباقية والمحاولات الحثيثة من الإرهابيين لضرب الإستقرار.
وما أنْ تنتهي عطلة عيد الفطر المبارك حتى تبدأ مهرجانات الصيف التي تمتد لشهري تموز وآب.
إن حادثة واحدة، لا سمح الله، من شأنها أن تضرب الموسم السياحي وموسم المهرجانات برمَّته. وليس خافياً على أحد أنَّ لبنان يُعوِّل كثيراً على هذه المهرجانات وعلى عودة المغتربين لتمضية عطلة الصيف في لبنان، خصوصاً أنَّ الحركة الإقتصادية والمالية التي يمكن أن تُحدثها هذه العودة وهذه المهرجانات، من شأنها أن تُنعِش الحركة التي تئن تحت أَثقال الإنتكاسات الإقتصادية المتلاحقة.