Site icon IMLebanon

«التيار الحر» الى الشارع

وسط عواصف المنطقة ورياح التغيير المقبلة على دولها من باب تسويات السياسة الدولية، لا يخلو الهدوء المخيم على المناخ السياسي اللبناني من غبار زوابع محلية سياسية تثيرها «زوبعة التمديد» العونية، وحياتية مع استنساخ «المجتمع المدني» لحركته من جديد في ذكرى العام على تحركه الاول، فيما البلد عاجز عن ايجاد اتفاق حول تعيينات عسكرية من هنا، وحل لملف نفايات من هناك ، وما بينهما من ازمات، بعدما باتت كل خطوة مرتبطة بفراغ رئاسي يقاربه كل من زاويته ووفقا لحساباته.

في كل الاحوال يبدو ان قرار تأجيل تسريح العماد جان قهوجي، لن يتخذ قبل منتصف شهر أيلول بحسب مصادر متابعة، في خطة مدروسة باحكام لجعل العونيين يبلعون «الحسكات» ويهضمونها على مراحل، وبعد ان يكون وزير الدفاع سمير مقبل وكما فعل قبيل اصدار قرار تأجيل تسريح اللواء محمد خير اقترح لائحته الثلاثية لاختيار قائد من بينها على مجلس الوزراء، في الجلسة المنعقدة عشية سفر الرئيس تمام سلام الى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للامم المتحدة، فاذا تعذر الاتفاق على التعيين وهو المرجح، يتخذ مقبل القرار المناسب تفاديا للشغور، علما أنه اذا لم يصدر قرار الوزير فيتسلم قيادة الجيش الضابط الاعلى رتبة وهو العميد الركن صادق طليس .

خطوة سيسبقها بحسب المعلومات، طرح تعيين رئيس للاركان على جلسة الخميس من خارج جدول الاعمال، بعدما اكتمل الاتفاق بين القوى الاساسية الثلاث، الثنائي الشيعي والمستقبل والاشتراكي، على العميد حاتم ملاك وتم ضمان تامين ثلثي الاصوات له، رغم ان الساعات الماضية كانت شهدت مناقشة لاكثر من صيغة للتمديد لرئيس الاركان الحالي ويبعد كأس المغامرة بعدم توقيع وزراء التيار ومن قد يتضامن معهم على مرسوم التعيين وتجنيبا لاعطاء حجة للبرتقاليين تقول بكيفية الاتفاق على تعيين رئيس للاركان ولا يمكن ذلك لقيادة الجيش، الا انها سقطت كلها لعدم القانونية، ما دفع بوزير الدفاع الى استعجال طرح الموضوع وكسب الوقت الكافي كي لا يشغل المنصب وهو ما يرفضه رئيس جبهة النضال الوطني ايا كان الثمن.

وبانتظار قنبلة العماد عون في ذكرى 13 تشرين الاول التي ينتظر ان تتوج قمة التحرك العوني التصعيدي، الذي يصر العونيون على انه اصبح بحكم الواقع ولا تراجع عنه، بدأ من مقاطعة الجلسة المقبلة، بعدما تركوا وحيدين، مع تغطية رئيس مجلس النواب باسم الثامن من آذار التمديد للعماد قهوجي، تناغما مع موقف الحزب الغير محبذ لحرق مراحل المواجهة «الرئاسية» التي لم «تستو» ثمرتها بعد لا داخليا ولا اقليميا، من جهة، وفشل وزراء التيار في اقناع بعض من زملائهم في الانسحاب من الحكومة من جهة ثانية، تاركين لرئيس التيار الوطني الحر الاعلان عن شكل هذا التصعيد ومراحله وفقا لمقتضيات الظروف، فيما الخيارات تتراوح بين تعليق المشاركة في الحكومة والاستقالة منها وصولا الى التظاهر في الشارع والعصيان المدني، واعدين بمفاجآت كثيرة، رأت المصادر المتابعة ان التحرك العوني لن يتخطى مجرد التحرك الشكلي عبر الاعتكاف الوزاري لفترة معينة، على ان يستمر وزراء التيار في توقيع المراسيم وان مع تاخير، دون  ان يشاركوا في جلسات الحكومة، في عملية «ربط نزاع» مع مختلف الاطراف بانتظار ساعة الحقيقة.

في المقابل يستند المراهنون على «عجز» العماد عون عن التحرك ، الى مجموعة معطيات، يضع «جمعها» مع بعض «الجنرال» في «ورطة» كبيرة بحسب المصادر، اولها عدم حماسة الحلفاء، القديم منهم والجديد، على دعمه في المواجهة مع اليرزة كل لحساباته الخاصة، ثانيها ،عدم رغبته بقطع «طرق العودة» مع المستقبل، انطلاقا من رهانه على امكانية تحقيق خرق ما على الجبهة الرئاسية طالما ان شيئا لم يحسم، ثالثها، التحذيرات الدولية التي سمعها صراحة على لسان السفيرة الاميركية بان المس بالحكومة مس بالخطوط الحمر، وآخرها وضع التيار المأزوم داخليا وسط الخلافات والانقسامات التي تعصف به عوامل بحسب المصادر ستدفع الرابية الى اعادة حساباتها وعدم الاقدام على اي خطوة ناقصة، نظرا للثمن الكبير الذي قد يترتب على هكذا مخاطرة، خصوصا ان مواجهة السنة الماضية مع الجيش امام المجلس النيابي ارتدت سلبا عليه، ولان الشارع المسيحي غير مهيئ لتقبل هكذا «معركة» راهنا .

يضاف الى ما تقدم، بحسب المصادر، بلوغ مسامع الرابية كلاما عن «شيء ما» وُضع على نار هادئة في الكواليس من المتوقع ان ينضج ابتداء من ايلول. انطلاقا من دعوة السيد حسن نصرالله الرئيس سعد الحريري الى التفاهم، والكلام الذي أطلقه مستشار الرئيس الحريري غطاس خوري وحديثه عن استعداد المستقبل للسير بتسوية شاملة تشارك فيها كل الاطراف، قد يتم تفعيلها مع عودة الرئيس الحريري الى بيروت اوائل أيلول، في مقاربة محلية جديدة للازمة اللبنانية عموما وللاستحقاق الرئاسي خصوصا، قد تبصر النور في المرحلة المقبلة.

ماذا سيفعل «التيار» و«التكتل» بعد مقاطعة الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء؟ الجواب بكل بساطة وبحسب المصادر،اما تسليم بالهزيمة وانكفاء، واما هجوم حتى الهاوية، او ابتداع وسائل توجع الحكومة ولا تميتها، في حال ثبت بالوجه الشرعي سقوط اي حظوظ رئاسية للعماد عون وتقدم للعماد قهوجي في النقاط،عندها لن تتوانى الرابية عن قلب الطاولة فوق رؤوس الجميع وهو ما درجت عليه تاريخيا.