IMLebanon

التيّار العَوْني والصلاة لمار مخايل

 

لأنّ ما تبقّى من عمر هذا العهد لا يبشّر بأفضل ممّـا كان…

ومن أجل إنقاذ ما تبقّى من ملامِح العنفوان، وما تبقّى من ملامح وجـه لبنان…

 

نتوجّـه إلى إخواننا في التيار الوطني الحـرّ ونسأل: هل يرون ما نـراهُ ويـراهُ السواد الأعظم من اللبنانيين في لبنان والمهجر…؟

هل يرون، أنّ هذا اللبنان الذي عمره ستة آلاف سنة ، أصبح كأنّه يـولد لقيطاً بلا أصـلٍ ولا هويّـةٍ ولا عمـر…؟

هل يـرون، أنّ ذلك اللبنان السيد الحـرّ المستقلّ، أصبح مكبّلاً بالأغلال، ولم يعد هناك: وطـنٌ سيّد، ووطـنٌ حـرّ، ووطنّيٌ حـرّ…؟

 

وأنّ لبنان الحضاري والإنساني والرسالة والأنموذج والتاريخي، قد خـرج هزيلاً من حضارة التاريخ…؟

وأنّ الثقافة والعلم والأدب والإعلام والصحافة والمنابر والمحابر، تبعثرتْ تحت أقدام «المغول» كمثل ما دمّـر هولاكو «بيت الحكمة» وجلائل المكتبات عند احتلال بغداد وألقى بالكتب في نهر دجلة…؟

 

وأنّ لبنان: الجامعات والمعاهد والمصارف والفنادق والمطاعم والصيدليات والمستشفيات، يموتُ سريريّاً في غرفـة العناية الفائقة…؟

ولبنان: القائد والرائد والمتطوّر والمتألّـق والمتفوّق، طليعة العالم العربي والحضور الدولي، أصبحتْ تجـرُّه أذناب القوافل على صـدى صهيل الخيل في الصحراء …؟

 

وأنّ لبنان: البحبوحة والرفاهية والرغْـد والرخاء والنِعَـم والسخاء، أصبح متسوّلاً يستجدي الغـذاء من فضلات الأمم…؟

ولبنان: الدولة والحكم والحكومة والرئاسة والمؤسسات والقضاء والسلطات، أصبح كالطيارة المسيّرة بلا طيار…؟

 

هل هذا هو لبنان العظيم، الذي ورثناه والذي أحببناه والذي غنّينـاه، وبـهِ افتخرنا وبنا اغتنى…؟

ألا يحـقّ لنا أن نسأل: كيف أنّ وطناً استغرق بناؤه ستة آلاف سنة، يتدمّـر هكذا مع بدايات ولايـة الست سنوات…؟

 

وأنَّ الهيكل المقّدس الذي بُنـيَ بانسكاب العـرق ونـزيف الدم، ينهار حجراً حجراً على بنيـهِ، ونحنُ نتلهّى بالنزاع على الحصص في الهيكل العظمي الحكومي، ونسعى إلى بنـاءِ كـوخٍ مدنّس على رُكام القصر…

 

وعندما نسأل: لماذا حـلّ بلبنان ما حـلّ، وأين ومتى وكيف…؟ تصبح كلّ الأعذار واهيـة، حين تُـرمى المسؤولية على غير أهلها، فيما الذين يمارسون الندْبَ على رأس المَـيْت، هـمْ أهل البيت أنفسُهم الذين تسبَّبوا بوقوع الجريمة.

حين يصبح الوطن الذي نحن فيه كأنّه يقتل الإنسان الذي فينا.

 

يتلاشى تباعاً: ينهار يتهدّم يتحطّم يتقـزّم حتى لم يعـد من مزاياه العظيمة إلاّ العظم.

إذْ ذاك يصبح الوجود فيه كأنّه اغتراب قاتل، ويصبح الإغتراب ضريبة قسرية مؤلمـة، إلى حيث هناك وطـنٌ يكون الإنسان فيه جديراً بالحياة كإنسان.

 

كان لا بـدَّ مِـنْ سرْدِ هذا العرْض، لأننا نـرى في الأفـق ضباباً كثيفاً فوق سماء لبنان، ومثلما سقطت فيه رايات الإصلاح والتغيير، فإذا استمرّ الرهان على المنوال نفسه، فقد يُخشى أنْ يسقط فيه العلَم.

إنقاذ لبنان بـات يحتاج إلى موقفٍ شجاع في مستوى رهْبـةِ المخاطر.. موقفٍ تاريخيٍّ لبنانيٍّ وطنـيٍّ حـرّ…

 

وإلاَّ… فلن تنفع الصلاة لمار مخايل شفيعِ فخامة الرئيس عندما تقذفنا الشياطين إلى قعـرِ جهنّم.