عاد التواصل الى ما كان عليه بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك، بعد توقف قسري فرضته التباينات المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي، واهتزاز العلاقة على اثر انضمام رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الى صفوف المعارضة ودعم مرشحها، مما وتر الأجواء كثيرا بين الحليفين، وتفاقم الأمر مع التموضع العوني الى جانب المعارضة.
لم يكن متوقعا او منتظرا ان يستمر الافتراق، وفي المحصلة فان العودة لها أسبابها، فرئيس التيار لا يستطيع ان يكمل مشروعه السياسي بتبني مرشح رئاسي لمحور سياسي مختلف وايصاله الى بعبدا، كما انه لا يمكنه ان يطوي بسهولة تاريخ من العمل السياسي والتفاهمات لسبب رئاسي، وبالطبع فان شروط كثيرة سبقت عودة الحوار، ومنها التوافق بين الحليفين على تحديث ورقة التفاهم بينهما، لا سيما أفكار مكافحة الفساد في ظل الوضع الداخلي المترنح لمواجهة التحديات، وبالمقابل من مصلحة حزب الله الاجتماع مجددا مع التيار، الذي يعتبر أحد أركان المعادلة والشركة الوطنية.
مع ذلك، لا يمكن التنبؤ من اليوم بما ستسفر عنه حوارات الحليفين، فحزب الله لن يتراجع عن ترشيح سليمان فرنجية ولم يطرأ اي تغيير على موقفه، ولا يزال رئيس «تيار المردة» المرشح المفضل والأول ل «الثنائي الشيعي» من جهة، ولم يبدل حزب الله بعد موقفه في موضوع جلسات الضرورة الحكومية. مع العلم ان «الثنائي الشيعي» سيشارك في جلسات مناقشة موازنة الـ2023 ، والمسألتان مدار معارضة من قبل فريق «التيار الوطني الحر»، مما يضع علامة استفهام حول نتيجة اللقاءات الحوارية، التي ليس محسوما وصولها الى نتيجة إيجابية سريعا، خصوصا ان باسيل يفكر حاليا بالمرشح الرئاسي الثالث، فيما حزب الله يرفض إخراج فرنجية من لائحة المرشحين او البحث في أي خيار رئاسي، كما ان الموقف الثابت لباسيل بأن الرئيس المقبل يجب ان يلقى قبولا أوليا من الكتل المسيحية، وان سيناريو الانتخابات الرئاسية التي أوصلت العماد ميشال عون الى بعبدا لن تتكرر بالضرورة مع سليمان فرنجية، مما يؤشر الى بقاء العقد السابقة على حالها في ما خص تفاهم التيار وحزب الله رئاسيا.
هذا وسبق لحزب الله ان أدى دورا أساسيا في إقناع فرنجية بالانسحاب من المعركة الانتخابية لمصلحة الرئيس ميشال عون، في الوقت الذي كان يحظى فرنجية بتأييد دولي وخارجي واسع يجعلانه رئيسا للجمهورية. فهل يوفق الحزب في انتزاع موافقة باسيل على دعم فرنجية في الآتي من الأيام؟ سؤال يطرح على هامش عودة العلاقة، مع تسرب الحديث عن مخارج للأزمة الرئاسية.
وتؤكد مصادر سياسية ان كل الطروحات أساسها قبول باسيل بالتخلي عن «الأنا» الرئاسية والعرقلة، والقبول بالنقاش والبحث بأجندة مرشحين تتضمن في سياقها اسم فرنجية، فهذا هو الطرح الوحيد الذي يقبله الحزب لبداية البحث في الملف الرئاسي ، خصوصا ان حزب الله لم يتجاوز ما اعتبره اخطاء تجاهه من فريق التيار ، فباسيل تخطى القوى السياسية جميعها بالتصعيد تجاه حزب الله في الفترة السابقة.
لكن السؤال الأساسي يتمحور حول مَن سيذهب الى خيارات الآخر؟ هل ينجح الحزب في اسقاط «الفيتو» على فرنجية؟ او يتمكن باسيل من تمرير أفكار رئاسية مقبولة من منطلق مرن، وهو ان ترشيح فرنجية لا يمر لدى المسيحيين.
سيناريوات عديدة تحكم المشهد بين الحليفين، والى حين جلاء المشهد السياسي يمكن الجزم ان رسالة رفض التعيين، ووقوف حزب الله الى جانب التيار، والرأي العام الرافض للتعيينات وتعيين خلف لحاكم مصرف لبنان، ساهم في اراحة الوضع وتسهيل عودة الاجتماعات، على الرغم من تشكيك العديد من السياسيين في امكان ترميم ما تهدم في جسور العلاقة، كما امكان الوصول الى اتفاق رئاسي موحد، مع إصرار الطرفين على موقفهما في خصوص الملف الرئاسي.