Site icon IMLebanon

بين 2018 و2022… ماذا تغيّر على “التيار الوطني الحرّ”؟

سيكون من الصعب جداً على المنظومة الحاكمة أن تهرب من معمودية صناديق الاقتراع حتى لو كانت مصلحتها تقضي بتأجيل هذا الامتحان قدر الامكان. فالضغط الذي يمارسه المجتمع الغربي، وسيعمل على تكثيفه ورفع وتيرته مع الوقت، سيجعل من الاستحقاق بحكم الواقع بلا أي تأجيل، فضلاً عن سياسة المزايدة الشعبوية التي يمارسها الخصوم والتي ستدفع بالنتيجة إلى اجراء الانتخابات في موعدها على اعتبار أنّ المكون المسيحي ستستحيل عليه مواجهة الحالة السياسية المتحمّسة لفتح صناديق الاقتراع مهما كان الثمن.

وعليه، تتعامل القوى السياسية مع واقع أنّ الانتخابات ستجري في الربيع المقبل، بهدف واضح ترسمه الدول المعنية بالملف اللبناني، وهو الانقضاض على الأكثرية النيايبة التي في جيب قوى الثامن من آذار. ولهذا يعتقد هذا الفريق أنّه قد يُجرّ جرّاً إلى هذا الاستحقاق ولو أنّه يخشى من خسارة هذه الأغلبية، من “كيسه” المسيحي بالتحديد، يعني من جيب “التيار الوطني الحر” الذي قد يواجه بتراجع عدد مكونات “تكتل لبنان القوي”، ما قد يؤدي الى خسارة الأغلبية النيابية.

ثمة من يقول إنّ “حزب الله” يستعد لهذا السيناريو السلبي، وهنا تنقسم الآراء حول كيفية تعامله مع هذا الواقع المستجد في حال حصوله. البعض يعتبر أنّ المتغيرات الاقليمية المقبلة على المنطقة قد تسمح لـ”حزب الله” بالتخلي عن هذه الأغلبية لا سيما وأنّ دائرة ومساحة نفوذه تجاوزت هذه الاعتبارات الضيقة، وها هو يفتح الحدود لناقلات النفط الايراني من دون أن يواجه بأي رفض غربي. فيما يرى فريق آخر أنّه سيتجنّد ميدانياً لكي لا يواجه “التيار الوطني الحر” خسائر فادحة من خلال التعويض بأصوات شيعية حيث أمكن، فيما يذهب فريق آخر إلى حدّ التأكيد أنّ سقوط بعض مرشحي “التيار” سيكون لمصلحة مرشحين غير مناهضين لـ”حزب الله”، وبالتالي لا ضياع للأكثرية النيابية. وهذا هو المهم بالنسبة لـ”حزب الله”.

وفي مطلق الأحوال، فإنّه لا بدّ من السؤال: ما هي العوامل التي تغيّرت بين مشهدَيْ 2018 و2022 والتي من شأنها أن تؤثر على حصيلة الأصوات التي سيحصدها “التيار” في حال فتح صناديق الاقتراع؟

تتلخّص أبرز تلك العوامل بالآتي:

– أولاً، تراجع الحضور الشعبي لـ”التيار” على نحو لافت، ولو أنّ بعض مراكز الاستطلاع يعتبر أنّ هذا التراجع طال كلّ الأحزاب، الموالية والمعارضة، ولم يصب لمصلحة ما يسمى بمجموعات المجتمع المدني أو تلك الخارجة من رحم انتفاضة 17 تشرين، لا بل تشير استطلاعات الرأي إلى نقمة واسعة لدى الناخب اللبناني ازاء كلّ المتعاطين بالشأن العام قد تترجم انكفاء عن صناديق الاقتراع.

– ثانياً، سيخوض “التيار الوطني الحر” معركة مصيرية فيما عهد ميشال عون يستعد للأفول، ما يعني تلقائياً خسارة شريحة كبيرة من الناخبين المسيحيين الذين صوتوا لهذا الفريق على قاعدة “الأقوى سلطوياً”، لا سيما وأنّ “التيار” خاض حملته الانتخابية في الاستحقاق الماضي تحت عباءة “العهد” وفي سبيله، وهذا ما شجّع بعض الناخبين على منحه فرصة نيابية، وهو احتمال لم يعد متوفراً أبداً.

– ثالثاً، خروج عدد من النواب المستقلين وعلى مراحل من تكتل لبنان القوي وقد خاض هؤلاء معركتهم النيابية بالتحالف مع “التيار”، وها هم يستعدون اليوم لخوضها على ضفّة الخصومة، بعدما سحبوا أصواتهم التي رفعت من الحاصل الانتخابي للائحة البرتقالية، إلى الموقع المضاد.

– رابعاً، خسارة “التيار” تحالفه السياسي مع “تيار المستقبل” الذي أعطى العونيين بعضاً من أصواته التفضيلية في بعض الدوائر المشتركة (الشمال على سبيل المثال)، وها هو اليوم يستعد لمنحها لفريق خصم.