يمكن ببساطة، معرفة اسباب رفع منسوب التوتر عند الفريق العوني، بدءًا من رئيس الجمهورية، ومرورا برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وحتى اصغر منتسب فيه، وهي اقتراب موعد انتهاء ولاية ميشال عون وعودته الى بيته بالرابية نهاية شهر تشرين الاول المقبل، وفقدان العونيين مقدرات ومؤثرات السلطة، التي استقووا فيها على خصومهم بالداخل طوال ست سنوات العهد، ونهبوا من مغانمها بكل ما وصلت اليها اياديهم المرنة، من مال عام ،وانقلبوا على شعارات الاصلاح والتغيير، واستبدلوها بنهب الدولة وتعطيل الاصلاحات، وتخريب المؤسسات.
إذاً مأساة العونيين التي تقارب الفاجعة، تكمن بانتهاء عهد الرئيس عون، الذي يسجّل عليه خصومه أن عهده من الأفشل والأكثر انهياراً، والانحياز لإيران ضد العرب والدول الصديقة، وانه لم يستطع تسليم الولاية لوريثه السياسي النائب باسيل كما كان مخططا له سلفا من قبل، بالرغم من كل التسهيلات، والامتيازات اللامتناهية، والتصرف بالصلاحيات الرئاسية كيفما شاء، والتي اساء استغلالها، فانقلبت عليه رأساً على عقب،واصبح معزولا عن باقي الاطراف السياسيين، ما عدا حزب الله، ومنبوذا عربيا ودوليا، ولاسيما من قبل دول القرار الإقليمي والدولي.
لم يأتِ التهويل العوني بالفوضى والخراب من هباء، اذا فشلت محاولات تشكيل الحكومة الجديدة، وبقيت حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية في حال لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المواعيد الدستورية، بل تؤشر بوضوح الى عمق المأزق وضيق الخيارات لدى التيار الوطني الحر، من فقدان السلطة، ومحاولة فرض الامر الواقع بالحصول على الحصص الوزارية الوازنة في الحكومة الجديدة قبل انقضاء الوقت القصير الفاصل عن حلول موعد مغادرة عون للرئاسة.
يوما بعد يوم، يزداد التخبط العوني، بالمواقف المتضاربة، بتسويق السيناريوهات الوهمية، والترويج للتفسيرات الدستورية الملتوية، وحملات التخويف بالاضطرابات الشعبية وغيرها من الاعيب الخفّة والبهلوانيات الهزلية، لتسريع الخطى لتشكيل الحكومة الجديدة، في سبيل تحقيق الحد الأدنى من المطالب والشروط التعجيزية ،ومن خلالها، اما تعبيد الطريق لاطالة امد الفراغ الرئاسي قدر الامكان، لعل الظروف والوقائع المحلية والعالمية تتغير، وتزيل أثقال عقوبات الفساد الاميركية عن كاهل باسيل، وتفتح امامه فرص السباق للرئاسة الاولى من جديد.
ما يصدر من كلام عن رئيس الجمهورية ميشال عون يوميا،يعكس واقع التخبط الذي يعيشه ، فهو يريد مغادرة الرئاسة بعد انتهاء ولايته، ولا يريد المغادرة، اذا لم يكن اليوم طبيعيا بمفهومه، يعني اذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة على قياس مطالب وريثه السياسي النائب جبران بحصوله على الثلث المعطل فيها.
مع اقتراب موعد انتهاء ولاية عون، تزاداد مشاعر الحسرة وحال الهذيان لدى التيار الوطني الحر، لفقدان كرسي الرئاسة الاولى تذهب إلى مرشح آخر غير عوني الانتماء،او حتى لضمان بصمات عون بانتخابه، ليبقى طيف الوريث السياسي حاضرا بالعهد الجديد،وهذا لن يكون مضمونا حتى الآن.