Site icon IMLebanon

العونيون والترشيحات: “سوق عكاظ”… بسقف مضبوط

 

 

لم يخرج اجتماع الهيئة السياسية لـ»التيار الوطنيّ الحر» عن السياق المتوقع. جلّ ما حصل هو استعراض للأسماء والترشيحات الممكنة، لكنّ المشاركين يعلمون جيداً أنّ التداول بها شيء وتبنّيها شيء آخر. وللفعل الأخير شروطه المعقدة والتزاماته الضابطة، وهي غير متوافرة.

 

ولذا فإنّ الخروج من الاجتماع بترشيح يفصل مسار «تكتل لبنان القوي» بشكل عمودي عن مسار «حزب الله»، الملتزم كما حركة «أمل» وحلفائهما بالورقة البيضاء، كان صعباً للغاية ومستبعداً، لاعتبارات عديدة، تتصل بظروف المعركة الرئاسية أولاً التي لا تزال لعباً في الوقت الضائع، وبظروف الأسماء المعروضة على طاولة النقاش ثانياً لكونها عاجزة عن تحقيق خرق نوعيّ.

 

وبذلك، كان الاعتقاد سائداً، عشية انعقاد الاجتماع، أنّ خاتمته ستكون كبدايته، بمعنى أنّ هناك صعوبة في تبني أي ترشيح فقط للترشيح، خصوصاً اذا لم يتمكّن هذا المرشح من تحقيق أي خرق نوعي يحمله إلى صفوف الترشيحات الجدية، المعلنة وغير المعلنة.

 

وطالما أنّ أياً من الأسماء المتداولة، والتي جرى استعراضها في الاجتماع من جانب باسيل، لا تتمتّع بأي قيمة مضافة تجعل ترشيحها تنافسياً، فهذا يعني أنّ التكتل لن ينتقل في سلوكه، من مربّع الورقة البيضاء التي يفترض أنّه خرج منها نهائياً إلى خيار تبني ترشيح جديّ… مع العلم أنّ باسيل ترك خلال الاجتماع الحريّة للنواب بالتصويت كما يريدون وهو ما بدا وكأنّه يحاول تكريس ثلاث بلوكات في التركيبة الانتخابية للبرلمان: بلوك ميشال معوض أو من سيخلفه في تمثيل المعارضة، بلوك الورقة البيضاء، وبلوك الأصوات «الملوّنة». ولهذا لم يطلب الاقتراع بورقة بيضاء، ما يعني احتمال تكرار مشهد التصويت بورقة «الميثاق الوطني» أو ما يشبهها.

 

ولعل هذا الخروج من مربّع الورقة البيضاء، هو الخلاصة الأبرز التي عكسها اجتماع يوم الاثنين، مع العلم أنّ تأجيل الجلسة رقم 11 الانتخابية، بعد رحيل رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، سيعطي «تكتل لبنان القوي» مزيداً من الوقت للتشاور، عسى يتمكن من بلورة خيار انتخابي جديد بعدما قرر التفكير من خارج «العلبة» للبحث عن خيارات أخرى غير الورقة البيضاء التي تتركه لصيقاً بـ»الحزب» وببقية مكونات قوى الثامن من آذار.

 

أمّا الخلاصة الثانية الممكن تسجيلها فهي أنّ الجلسة بدت أقرب إلى سوق عكاظ أسماء، بحيث توالى المشاركون استعراض الترشيحات والأسماء، من كل حدب وصوب، بدءاً بزياد بارود، بيار الضاهر، جهاد أزعور، ناجي البستاني، فريد البستاني، شكيب قرطباوي، انطوان قليموس… وغيرهم.

 

فيما تتمحور الخلاصة الثالثة حول الأجواء الودية – الايجابية التي سادت الاجتماع حيث تولى المشاركون عرض أفكارهم وطروحاتهم بما فيها سيناريو ترشيح جبران باسيل الذي لم ينف أنّ ترشيحه دونه صعوبات كثيرة ولو أنّه عاد ليشير إلى احتمال تغيّر المشهدية خلال المرحلة المقبلة، ما قد يعيده إلى حلبة الترشح… كما سيناريو ترشيح أحد النواب العونيين، وهو احتمال لم يُصَر يوماً إلى مناقشته بشكل جديّ بين باسيل والنواب في ضوء رفض الأول للأمر.

 

ولكن خلافاً لكل المرات السابقة، لا سيما خلال اطلالاته الإعلامية حين كان يسارع رئيس «التكتل» إلى قطع الطريق أمام احتمال أن يكون أحد نواب التكتل مرشّح الفريق العوني، بدا باسيل خلال الاجتماع ليّناً بعض الشيء تاركاً الباب مفتوحاً أمام هذا الاحتمال، ولو أنّه احتمال ضعيف جداً ولا تشي أي مؤشرات أنه قابل للترجمة العملية. ومع ذلك قال باسيل إنّه لن يعارض ترشح أحد العونيين اذا كانت حظوظه قابلة للتقريش الرئاسي. مع العلم أنّ البيان الرسمي الصادر عن التكتل أوحى بأنّ التباحث كان «حول سلّة من الأسماء الصديقة لتوفير النجاح اللازم لها».

 

في الواقع، يدلّ الرسم البياني لعلاقة النواب العونيين، لا سيما أصحاب الموقف الاعتراضي، برئيس التكتل، الى أنّ الجانبين ينأيان بنفسيهما عن الاشتباك المباشر ولو أنّ النار تحت الرماد، بادية للجميع. الفريقان مقتنعان أنّ لحظة الاصطدام واردة، لكنّ توقيتها مؤجّل. بين الجهتين الكثير من التباعد والتباينات، والتي تأجل فلشُها على طاولة تصفية الحسابات، حيث يفترض أن تكون التسوية الرئاسية عنواناً حاسماً في مصير هذه العلاقة خصوصاً وأنّ عدداً من النواب العونيين يرفضون أن يكونوا خارج أي تفاهم خارجي – داخلي قد يأتي برئيس جديد، حتى لو خالفوا بذلك رأي جبران باسيل. ولكن إلى أن تحين الساعة، يبقى اللعب مضبوطاً.