الى الهجوم انتقل فريق الممانعة بعدما “حميت الامور”، لتنتقل بذلك اللعبة الرئاسية الى مربع جديد في اعقاب مواقف “استيذ” عين التينة، الذي اثار هزات متتالية في “ارضية” الشغور الرئاسي بإعلانه من جهة ان رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية هو مرشح الثنائي الشيعي، ومن جهة ثانية ان تعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون مستحيل. مواقف تقاطعت مع ما سرب عن لقاءات لسفير غربي مع اطراف مسيحية نقل خلالها رسائل واضحة وعروضا ، تقبل بكليتها او ترفض كلها.
كثيرون اعتقدوا ان تصريحات عين التينة وتسريباتها عقدت الامور، وانها جاءت لملء الوقت الضائع، وزادت من الشرخ السياسي القائم، خصوصا انها اصابت المعارضة بمقتل، بعدما اعلنت بعض اطرافها عزمها مقاطعة الجلسات لمنع وصول مرشح الثامن من آذار، في وقت درجت منذ العام 2015 على انتقاد هذا السلوك الهدام.
وبينما يراهن “الثنائي الشيعي” على تبدّلات في المشهد الاقليمي سوريا ويمنيّا، يمكن ان ترفع عددَ الاصوات التي تذهب لصالح فرنجية بعد ان تُبديَ الرياض مرونة تجاهه، فان عواصم “خماسيّ باريس”، وإن كان بعضها لا يمانع المقايضة بين رئيس جمهورية لـ 8 آذار ورئيس حكومة من المعارضة، تتفق على المطالبة برئيس جامع وقادر على الاصلاح والانقاذ، في الوقت الذي تحث فيه هذه العواصم القوى السياسية اللبنانية على الاضطلاع بمسؤولياتها، هازة العصا في وجه مَن يعيقون حل الازمة الرئاسية.
واضح انه حتى الامس القريب ، كان الكلام السائد سواء في مطابخ التيار الوطني الحر الداخلية، او مع الحليف في الحارة، عن انه من سابع المستحيلات تصويت التيار لرئيس “المردة”، وسط ضخ معلومات عن شروط تعجيزية غير قابلة للتحقيق من جهة، وترشيح لاسماء صبغت بالوسطية من جهة ثانية.
الا ان صورة المشهد قد تغيرت منذ ايام، حيث بدا ان ثمة طبخة قد شارفت على النضوج، وفقا لمصادر متابعة، قامت بها جهات اقليمية ودولية، تقوم على ان يكون “التيار الوطني الحر” جزءا اساسيا من العهد القادم.
وتابعت المصادر بان كلام النائب اسعد درغام واستعماله تعبير “حتى الآن” في معرض رده عن سؤال يتعلق بانتخاب سليمان فرنجية، فتح الباب على كثير من الاحتمالات والاعتبارات، التي في مقدمتها ان التيار بدأ تكويعته، وتمهيد الطريق امام قواعده لتقبل تسهيل وصول فرنجية الى القصر الجمهوري.
ورأت المصادر ان مواقف “الكتائب” و”القوات اللبنانية” خلال الساعات الماضية، قد سرّعت من “دفش” ميرنا الشالوحي خطوة الى الامام على هذا الصعيد، خصوصا ان الاخيرة تلقت نفس الرسائل التي وصلت الى الصيفي والى معراب.
واشارت المصادر الى ان محور المقاومة والممانعة لن يكون قادرا على المواجهة في الفترة القادمة، وهو منقسم بين السلطة والمعارضة، وسيكون لزاما عليه التكتل والاصطفاف لضمان “الثلث الضامن” في اي حكومة وفقا للتوازنات الجديدة، وهنا يلعب “التيار الوطني الحر” بيضة القبان، خصوصا ان الاخير لن يكون في مقدوره تحصيل عدد الوزراء كما في السابق “لوحده”.
اوساط البياضة لم تؤكد ولم تنف المعلومات المتداولة، معتبرة ان الابواب مفتوحة على كل الاحتمالات ،اذ لا شيئ ثابتا في السياسة، وان الامور رهن التطورات والظروف، كما ان التيار ليس في وارد المعارضة من اجل المعارضة، تماما كما ادراكه ان العهد ليس الرئيس لوحده، انما فريق كامل وزاري واداري.
هل تدل اجواء دول “الخماسي” على انها ستبدّل قريبا موقفها؟ فكيف ستتصرف الاطراف المسيحية في حال تمت الدعوة الى جلسة انتخاب؟ وهل باتت الـ 65 صوتا بحكم المؤمنة؟ وهل يفعلها جبران باسيل فيقلب الطاولة ومعها الحسابات والتوازنات ليتربع من جديد على عرش الثامن من آذار؟