ينشغل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، بايجاد الحلول للملفات العالقة وخصوصاً الهامة منها، كالاستحقاق الرئاسي ومسألة التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، التي لا يؤيدها باسيل بل يعمل على إيجاد حلول مغايرة لها، مروراً بقضايا اخرى، الامر الذي يجعله غائباً بعض الشيء عن شؤون وشجون البيت البرتقالي، خصوصاً بعد تجديد الولاية له برئاسة “التيار” منذ فترة وجيزة.
الى ذلك، تبقى جولات باسيل السياسية قائمة وموزعة بين أرجاء الوطن والداخل العوني، فالوعود التي سارت مع لحظة انتهاء العهد السابق لم يتحقق منها اي شيء، ومن هنا يستذكر الجميع حين غادر الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون قصر بعبدا، منذ اكثر من عام بقليل، وكيف رافقته المواكب الشعبية في بعض المناطق اللبنانية حتى تلك البعيدة جغرافياً، تحت عنوان “شكراً لصمودك ست سنوات أمام معرقلي عهدك” مع شعار “معك مكملين”، وكيف تردّدت معلومات أنه يتجه الى دخول الصف المعارض والمغاير للمعارضة الحالية، اي ضمن خانة مختلفة عنوانها “الرابية قلعة المعارضة قريباً”، مع شعار جديد للتيار”عون راجع أقوى الى الرابية”، وفق ما ردّد حينئذ معظم نواب تكتل “لبنان القوي”، لأنه سيكون مرتاحاً أكثر في كشف الحقائق والفاسدين، وسوف يكمل كل مشاريعه السياسية ويجهد لتحقيق كل الإنجازات التي وعد بها، كما سيتابع مسيرة الإصلاح والتغيير لكشف السارقين.
وفي هذا الإطار وحين تم طرح هذه الاسئلة على أحد المسؤولين العونيين، أكد أنّ شيئاً لم يتغير، فالرئيس عون باق كما كان، اي تلك الصخرة التي لا تنكسر امام الصعوبات، وقال: “هو يحنّ الى حقبة قصر الشعب، حين كان رئيساً للحكومة الانتقالية، وقيامه بحرب التحرير واستقباله الآلاف من اللبنانيين المؤيدين لسياسته في تلك الفترة”، كما نقل عنه تفضيله البقاء في الرابية بدلاً من قصر بعبدا، بعد كل الذي مرّ به من عداء وسياسة تناحر وخلافات مع الخصوم، الذين تكاثروا بعد وصوله إلى المركز الأول، وندمه على عدم تلقيه النصائح بضرورة بقائه في الرابية، كزعيم ماروني يساهم مساهمة كبيرة في صنع الرؤساء، لكن ما جرى قلب الأوضاع رأساً على عقب، وأعاق تحقيق العديد من الإنجازات بسبب عرقلة الخصوم بحسب ما قال.
وعما حُكي قبل عام أنّ استنفاراً سياسياً سيسجّل منذ مغادرة الرئيس عون القصر الجمهوري ضمن معارضة قوية، اشار المسؤول العوني الى انّ العمل جار لتحقيق كل ما وعدنا به، لكن الظروف التي نعيشها استدعت تأجيل كل هذه التحركات بالتزامن مع الفراغ الرئاسي والاحداث الجارية، لانّ لبنان واللبنانيين لم يعيشوا الراحة ويكاد البلد يتهاوى نهائياً من دون وجود اي أمل في إنقاذه، في ظل غياب الرئيس، فيما الرئيس عون كان يمسك زمام الامور بكل قوة، واليوم نشهد غياب وطن مع تهاوي مؤسساته.
وأكد المسؤول العوني أنّ كل شيء مؤجل، لكن تحضيراته انتهت وتنتظر ساعة الصفر لإعلان التحرّك، لاننا ستتصدّى لكل من ساهم في عرقلة عهد الرئيس عون، مع تحميلهم كل الفشل الذي اتهمنا به، معتبراً أنّ “التيار” سيسترّد نفوذه السابق بعد الحروب التي شُنّت عليه، على أن يرّد الصاع صاعين، بمعنى أنّ الرئيس عون والنائب باسيل سينتقمان ولن يرحما المعرقلين وسوف يقولان الحقائق كما هي، وسيفضحان المستور والخبايا التي تمّ التكتم عنها، على أن تصبح الرابية بيت الشعب المفتوح أمام كل الناس، أي إعادة مشهد حقبة نهاية الثمانينات، التي تجسدّت ليلة المغادرة في 31 تشرين الاول 2022، من خلال افتراش الارض من قبل بعض مناصري العهد، ونصبهم الخيم قرب القصر الجمهوري، لحراسة عون ومواكبته في تلك اللحظة.
وعلى خط آخر، فالخلافات والانشقاقات التي تشهدها صفوف “التيار” في الداخل الحزبي، التي ولّدت أجنحة منذ سنوات عديدة، وتحديداً منذ تأسيس “لجنة حكماء التيار” المعارضة أي الحرس القديم، تتفاقم بقوة وبالعلن، وفق مصادر معارضي باسيل، لأنّ الانتقاد وكشف المستور سيكونان أسهل من الآن فصاعداً ضد الرابية، ضمن حركة معارضة ومنظمة، فيما على خط مسؤولي “التيار”، ولدى سؤالهم عن كيفية التعاطي اليوم مع المعارضين العونيين، يردّون على الفور: “الأمور ستضبط وسيتحقق لمّ الشمل ولو بعد حين، لأنّ وجود الرئيس عون يعني عودة “التيار الوطني الحر” الى سابق عهده، لانه الوحيد القادر على جمعهم من جديد”، آملين أن تنظم الصفوف وتتواصل القيادة مع القواعد، لكن نحتاج الى وقت لتحقيق هذه الصورة، نافياً كل ما يشاع عن توالي الاستقالات من “التيار”.