على عقارب ساعة المواجهات على الحدود الجنوبية، “الامور ماشية” في الداخل “بالتي هي احسن”، وسط اصرار دولي على “حل الملف اللبناني”، ومحاولات داخلية لابعاد تلك الكأس المرة، او اقله خلق فسحة من التمايز، تقي الدولة شر الدمار المبشر به.
وسط هذا المشهد، برز تموضع “التيار الوطني الحر” الجديد، و”الهزات” الداخلية التي يشهدها، بعدما خرج علنا من الممانعة، مصطفا في “الوسط”، الى جانب الصراع العربي- “الاسرائيلي”بشروط في ما خص الوضع الاقليمي، مقابل اعتباره مقاومة حزب الله حقا، ولكن الخلاف حول قرار الحرب والسلم يفترض وجود استراتيجية دفاعية باتت ضرورية، كاسرا وجابرا في الوقت نفسه.
فبالنسبة لمصادر ميرنا الشالوحي، من حق حارة حريك اتخاذ القرارات التي تراها مناسبة وفقا لاجنداتها الداخلية والاقليمية، الا انه من غير المقبول تجاهل المكون المسيحي كشريك اساسي في الدولة، ذلك ان القاعدة الحاكمة حتى الساعة قائمة على “رفض” الشركة مع المعنيين.
في كل الاحوال، بات واضحاً وفقا للمصادر، في تحليل بسيط لوسائل التواصل الاجتماعي، ان القواعد البرتقالية باتت اكثر نقمة على حزب الله، نتيجة ما تعتبره من دور له في وصول الامور الى ما وصلت اليه، هي التي اصلا لم ينجح الحزب بسلوكه في شدها اليه، وعليه بات لزاما على التيار وفي ظل التغييرات التي تشهدها المنطقة، اعادة تموضعه ورسم حدود فاصلة بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك.
في المقابل، اشار مقربون من الثامن من آذار إلى أن مواقف الرابية والبياضة ليست غريبة ولا مفاجئة، ذلك أن تيار العام ٢٠٠٩ والتسونامي الذي حققه مسيحيا، سمح للجنرال باعتماد خطاب وطني مسندا إلى أغلبية السبعين في المئة من الشارع المسيحي، اما اليوم وفي ظل تراجع حصة التيار إلى حدود الـ ٢١٪ من الكعكة الشعبية، فان ميرنا الشالوحي باتت حكما ملزمة بترداد جو الشارع، في ظل الصراع مع قوى اليمين، وهو اساسا لم “يبلع” يوما اتفاق “مار مخايل”، وفقا لوجهة نظر فريق في حزب الله، ما زال يراهن على “عودة جبران”، مقابل فريق اخر يدفع باتجاه الذهاب الى “الآخر” مع الرابية، انطلاقا من ان فك التحالف لن يقدم او يؤخر في المشهد السياسي الفعلي.
وكشف المقربون ان رسالة وصلت الى باسيل فحواها ان “السيد بحبك” فلا تخسر تلك الورقة، وبادر الى البناء عليها قبل فوات الاوان، مبدين تعجبهم من سلوك التيار في خوضه الاستحقاقات النقابية والانتصار باصوات الحزب، فيما خطابه في واد آخر.
من جهتها، قرأت اوساط ديبلوماسية في نهج “الصهر السياسي” مع حزب المقاومة، اعتماده استراتيجية “ضربة عالحافر ضربة على المسمار” التي يبرع فيها، وان كان موقفه اكثر تقدماً في مسألة السلاح واستعماله، وموافقته على أن ذلك بات مشكلة، من هنا تسليمه بمضمون وجوهر “وثيقة بكركي”، رغم سعيه الى تعديل بعض تعابيرها، خوفا من كسر الجرة نهائيا.
وتتابع الاوساط، في معرض تحليلها لما بين سطور الاطلالة الاخيرة للنائب البتروني، استمرارا لمرحلة التصويب المباشر على حارة حريك، بعيدا عن اطلاق النار على الحارة بواسطة عين التينة، في دلالة واضحة على سقوط كل المبادرات والوساطات لاصلاح العلاقة بين الطرفين، مع بلوغها مرحلة كلام رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون امام زواره علنا “نصحنا الحزب ولكنهم لا يريدون ان يسمعوا، فليتحملوا النتائج”، عند سؤاله عن الحرب ومفاعيلها.
وختمت الاوساط، بان رسائل الاطلالة الاخيرة واضحة، الاولى نصيحة غير مباشرة لقائد الجيش، خلاصتها “ما تصدق يلي بخبرك بدن ياك رئيس”، والثانية حول الوضع الجنوبي وموقف التيار الرافض لمنطق التفرد، اذ “لن نتحمل نتائج قرارات لم نشارك فيها”.
اذا على ماذا تراهن الرابية والبياضة؟ ايا يكن فإن الموقف الاميركي اكثر من جدي، ومن اليوم حتى كانون الثاني موعد عودة الجمهوريين، في حال خسارة الديموقراطيين للبيت الابيض، ما يكفي من الوقت لانجاز الكثير مما يلزم لادارة الخلف ايا كانت هويتها.