من انتظار الى انتظار تقفز المنطقة بين جولة واخرى من التصعيد، بين الاطراف، والمحاور، مع اتضاح الفرز العمودي شيئا فشيئا، وبيان حقيقة المتصارعين والصراع، مع تقدم الاصيلين الواجهة، اي طهران والولايات المتحدة الاميركية، في لحظة تاريخية، يمر بها العالم.
وكما في الخارج، خلط اوراق وتوازنات، كذلك في الداخل، حيث يعمل الاطراف على تجميع الاوراق لاستخدامها، بعد سكون العواصف وتراجعها، خصوصا بين اطراف محور الممانعة بعد “الضعف” الذي اصاب ساحتهم مع خروج التيار الوطني الحر من عباءة حارة حريك وتغريده خارج السرب.
فقد أكدت مصادر مقربة من ميرنا الشالوحي ان رئاسة الحزب، طلبت من قياديي التيار ومسؤوليه وسياسييه، وقف الحملات والهجمات ضد حزب الله على وسائل التيار الوطني الحر، والاكتفاء بالتعبير عن الموقف الوطني العام، في اطار التشديد على ضرورة وحدة اللبنانيين في مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية.
واشارت المصادر الى ان تطور الاوضاع بشكل دراماتيكي يحتم راهنا، تجميد الخلافات حول الامور الداخلية، والتركيز اعلاميا على اظهار نقاط الاتفاق والتضامن، وهو ما سيظهر من الاطلالات الاعلامية لمسؤولي التيار ونوابه، ومن اللهجة السياسية لوسائل الاعلام التابعة للتيار.
وفي هذا الاطار رات المصادر ان ان التيار سيعمل اعلاميا على اعادة تاكيد تموضعه الى جانب الحزب وفقا لوثيقة التفاهم الموقعة سابقا، بعد مرحلة الخلاف الكبير بين الطرفين حول الكثير من الملفات الداخلية، في مقدمتها مقاربة الملف الرئاسي، وبعد انتقاد الرئيس باسيل لاداء الحزب وسلوكه وفتحه الجبهة اللبنانية كجبهة اسناد.
اوساط سياسية متابعة، رات ان النائب البتروني، اجاد الاستفادة من اللحظة القائمة، حيث يمارس لعبته البراغماتية، التي طالما اجادها، محاولا استنساخ تجربة عمه عام 2006، حيث وقفت يومها الرابية الى جانب حارة حريك، وخاضت معها الحرب، لتكون النتيجة رد الجميل للعماد ميشال عون بايصاله الى بعبدا بعد سنوات، على ما تذكر به دائمة قيادات الحزب. فهل تصيب هذه المرة مع البياضة، فيعيد التاريخ نفسه؟
بالتاكيد الجواب لن يكون سهلا، خصوصا ان زوار رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون ينقلون عنه تشاؤمه الكبير فيما خص الاوضاع والتطورات متحدثا عن تغييرات كبيرة قادمة على المنطقة ستقلب معها الطاولة، وتعيد رسم توازنات جديدة، غامزا من قناة الحارة المصرة على قراءتها للاحداث، والتي لن تصيب هذه المرة، وفقا لما يردد الجنرال.
في الموازاة، وبعد اسابيع من التحضير، والخطابات التمهيدية، صدر رسميا قرار فصل نائب بعبدا الان عون من التيار الوطني الحر، في اطار خطة “التطهير” و”اعادة الانضباط” الى صفوف التيار، حيث تسعى ميرنا الشالوحي الى انهاء ترتيب بيتها الداخلي قبيل انتخابات 2026 النيابية، وفقا لرؤيتها الجديدة.
وفي هذا الاطار تكشف المعلومات ان القرار حظي بغطاء كامل من رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون، الذي كان استقبل النائب عون في الرابية، قبل ايام، مستمعا اليه، مبديا وجهة نظره، الا ان “ابن الاخت” اصر على مواقفه، ما اثار انزعاج الجنرال، حيث نقل عنه ان الامور لن تقف عند حدود “الان” بل ستطال من عمل على تحريضه من زملاء له في التكتل، ستطالهم الاجراءات قريبا، في حال لم يتعظوا مما جرى.
المفارقة اللافتة، وفقا للاوساط، ان الان عون الذي اخرج بالامس كان سبقه نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، وقبلهم كبير مستشاري الرئيس عون الوزير السابق سليم جريصاتي الذي اخرج نفسه، حيث القاسم المشترك بين الثلاثة كأنهم من قاموا بالتفاوض في ملف ترسيم الحدود وانجاز صفقة التسوية التي انتهت الى الخط 23، مع الاميركيين. فهل من علاقة بين ذلك وبين عودة التيار الى احياء التحالف؟
اما الامر الثاني، فهو ان الان عون ليس الاول الذي يتم استبعاده من افراد العائلة، فقد سبقه ابن شقيق الرئيس عون نعيم، كذلك النائب السابق شامل روكز، رغم ان الاخير لم يكن منتسبا للتيار، وقبلهم الصهر السابق يوم رفض الخروج من قرنة شهوان، فخرج من العائلة.
في كل الاحوال، تجمع اوساط التيار على ان غلطة الشاطر بالف، وكل المواجهات مع رئيس التيار خاسرة، اذ لا زال الرقم الصعب عند المحازبين وداخل صفوفهم، رغم كل ما يقال من حركات تمرد من هنا وعصيان من هناك، داعية الجميع الى الاتعاظ بان لا احد اكبر من التيار الذي هو على مقاس “الجنرال” لا “الصهر” حتما.