IMLebanon

بين ٧ آب ٢٠٠١ و٧ آب ٢٠٢٤… مشهد مُختلف في “الوطني الحرّ” إقصاء ومعركة “رؤوس حامية”… التيّار “نسخة جديدة بعد الحرب” 

 

 

بين ٧ آب ٢٠٠١ و ٧ آب 2024  اختلف المشهد كثيرا في “التيار الوطني الحر”، الذي يعيش على وقع هزات داخلية بإقصاء مناضلين، ومع ان ما حصل الأسبوع الماضي بفصل النائب آلان عون، وعطفا عليها استقالة النائب سيمون ابي رميا كان متوقعاً من فترة، لكن تأثيرهما كان قويا في الأروقة الداخلية للتيار لما تمثل الشخصيتين من حيثية.

 

قرار فصل النائب عون اتخذ من رأس الهرم العوني في الرابية بدعم من الرئيس السابق ميشال عون، وسببه كما صار معروفا عدم التزامه بالقرارات الداخلية للتيار، وانزعاج القيادة الحزبية من مواقف سابقة لنائب بعبدا، إلا ان المؤكد ان رئيس التيار النائب جبران باسيل يعتبر ان الوقت حان لتطيير “الرؤوس الحامية”، ولجم من يعارضه في هذه المرحلة، قبل الدخول في العد العكسي لإستحقاقات داهمة، وقد قطع أشواطا كبيرة على مراحل مختلفة في عملية طرد وتصفية الحزب من المناوئين له، بحجة تمرد هؤلاء على الشرعية الحزبية.

 

سيناريو فصل عون كان ” بروفا”  لضبط الحزب، فرئيس التيار جهز خطة ” تنقية”  الحزب بعناية، لعدم تعريض التيار لهزات قوية، على غرار ما حصل في قضية فصل النائب الياس بو صعب التي مرت من دون ضجة وأضرار.

 

مجموعة من الأسماء لا تتماهى مع قيادة الحزب، وضعت منذ فترة على قائمة إنتظار التصفية، وأغلب هؤلاء من المناضلين والرعيل العوني الأول. فمن الواضح ان باسيل يسعى لإحكام سيطرته على الحزب وطرد المعارضين وشيطنتهم امام المحازبين، بعد فشل محاولة “تدجينهم”  للانصياع الى القرار الحزبي.

 

استقالة سيمون ابي رميا التي تصب في الخانة نفسها لخروج عون لم تكن مفاجئة، كما تقول مصادر حزبية، فالواضح ان نائب جبيل فصل نفسه عن التيار مستبقا اي قرار في المستقبل، لينضم الى لائحة المناضلين السابقين. ويعتبر ابي رميا ان قيادة التيار مستمرة بسياسة دفن الرؤوس في الرمال وعدم مواجهة الحقيقة، مشبها ما يحصل اليوم بقصة إبريق الزيت او النسخة الحزبية من مسلسل عشرة عبيد زغار.

 

خلافات اهل البيت العوني السابق خرجت الى العلن، في توقيت وظروف صعبة من الأزمة اللبنانية. ومع ان مصادر التيار تضع ما يحصل في إطار الإجراءات الحزبية الخاصة بسبب عدم الإلتزام الحزبي، إلا ان الخطوة التي قات بها قيادة التيار بدفع كوادر حزبية ومناضلين سابقين للخروج من الحزب، سيكون لها ارتدادات عميقة في المستقبل، سواء على صعيد التحالفات الانتخابية او العصب الحزبي الذي يمثله عدد من الخارجين من التيار. فتوضيحات القيادة الحزبية لا تقنع فئة واسعة من التياريين التي ترى ان ما يحصل سيؤدي الى إضعاف التيار وشرذمته في مرحلة دقيقة ومعقدة/ تحتاج الى التضامن و”شدشدة” الحزب.

 

بالمقابل، ترى مصادر سياسية ان ما يقوم به باسيل هي تدابير تحصل في أي حزب، ومن الواضح انه يحضر التيار ليكون نسخة جديدة ما بعد الحرب. فالى جانب الإجراءات الداخلية، تتضمن إستراتيجية التيار اليوم إنهاء الخصومات السياسية وتموضعات وسطية، كما تبدى باستقبال السفير السعودي وليد البخاري في البياضة قبل فترة، والعلاقة المعدلة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وانتقال باسيل الى مصالحة قيادات وقوى سياسية كان في خصومة انتخابية وسياسية معها. وهكذا أسدلت الستارة على العلاقة السيئة للتيار بعدد من الخصوم السابقين، لتفتح على مشهد جديد في المناطق ومد الجسور مع من خاصمهم.

 

المؤكد ان الأمر لا يتوقف فقط على ضبط الحالة الحزبية ، فالواضح ان هناك تنظيما جديدا للعلاقة بقوى سياسية وتجهيز قفزة نوعية او تموضع جديد، تحضيرا لمواكبة مرحلة ما بعد الحرب. فمقاربة باسيل والرئيس عون لحرب غزة ورفض وحدة الساحات او توريط لبنان معروفة، الا ان الموقف من غزة لا يعني ان التيار لم يعد حليفا للمقاومة في حرب ٢٠٢٤، فالاختلاف مع حزب الله رئاسيا وفي الملف الحكومي وحقوق المسيحيين، ولا علاقة  له بالحسابات الاستراتيجية الكبرى. وقد تم قبل فترة تفعيل “لجان الحرب” المشتركة بين ميرنا الشالوحي وحارة حريك للتعامل مع النزوح واستقبال النازحين، فحزب الله وضع الخلاف السياسي جانبا وينصرف الى ترتيب الأوراق مع القوى السياسية على اختلافها.