Site icon IMLebanon

«التيار الوطني الحرّ»- «حزب الله»: غداً يوم آخر

 

كان من الممكن أن تمرّ «حفلة الجنون» الانتخابي، بلا ندوب تُذكر تطبع منظومة العلاقات السياسية كونها نسجت تحالفات هجينة اختلط فيها حابل المصالح الفئوية بنابل الحواصل الانتخابية وكسورها، خصوصاً وأنّ معظم القوى السياسية أتاح لغايته أن يبرّر وسائله «غير المنطقية»…

كان من الممكن أن ينتهيَ يومُ السادس من أيار على طريقة أنّ ما بعده يوماً جديداً لا يشبه سلفه بشيء، فتستقيم الأمور ويستعيد الخطاب السياسي توازنه ومنطقه. ولكن يبدو أنّ الفوضى الانتخابية، بأخطائها وخطاياها، ستحتاج الى الكثير من الاختبارات المستقبلية قبل أن تُغفر وتعيد تنقيح صفحة التحالفات السياسية.

لا حاجة للتذكير أنّ ما يجمع «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» على المستوى الاستراتيجي، لا يخرّبه الطلاق الانتخابي، ولو أنه في بعض المطارح أكثر من طلاق وقد بلغ حدّ الخصومة والتنافس على المقاعد. كما لا حاجة للإشارة الى أنّ الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله حلّ حلفاءَه من أيّ «ارتكابات» قد يرتكبونها بحق بعضهم البعض فيما لو قفزوا من ضفّة التحالف إلى ضفّة الخصومة الانتخابية وفقاً لما تقتضيه مصالحُهم التكتية.

ولكن من الضروري التمييز بين الهفوات التي ارتُكبت عن غير قصد، وبين الخطوات التي حفرت في العمق وسيكون من الصعب تجاوزها أو القفز فوقها.

وهنا يجوز استحضار اشكاليتيّ كسروان- جبيل وبعلبك- الهرمل ومدى تأثيرهما على العلاقة الثنائية بين حليفَي تفاهم السادس من شباط 2006.

وفق مطّلعين على موقف «حزب الله»، فإنّ ما أقدم عليه «التيار الوطني الحر» في جبيل «موجع» بحق الحزب، خصوصاً وأنّ المسألة لم تقف عند عتبة الخلاف على التسميات والامتناع عن ضمّ حسين زعيتر الى اللائحة البرتقالية، وإنما عمد «التيار العوني» إلى ضمّ مرشح شيعي الى لائحته هو ربيع عواد، في خطوة بدت استفزازيةً بالنسبة للجمهور الأصفر لا يُراد منها فقط تحصين اللائحة العونية وإنما إيقاع ترشيح زعيتر في المحظور.

لا يتردّد هؤلاء في التذكير أنّ تجييرَ المقعد الشيعي في جبيل الى «حزب الله» بعد التفاهم بين الثنائي الشيعي كان القصد منه بالدرجة الأولى تجنّب خلاف كان سيقع حكماً بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، وإذ بالحزب يدفع الثمن بنفسه!

أكثر من ذلك، يقول هؤلاء إنّ المسألة أبعد من خلاف حول هوية المرشح، لأنها تتصل بشكل خاص بالمقعد الكاثوليكي في بعلبك- الهرمل الذي اعتبره باسيل من نصيب تياره ويحقّ له ضمّه الى حصته على لائحة «حزب الله»، فيما الأخير ترَك الحسم للحزب السوري القومي الاجتماعي الذي جيّره الى الوزير السابق ألبير منصور.

ولكن وفق عونيّين، فإنّ للأمر رمزيته وهو ليس خلاف حصص، ولكن منصور «وزير دفاع 13 تشرين الأول»، ولا يمكن لـ»التيار» أن يرضى بتقديم المقعد هدية له، فكانت ردّة الفعل طبيعية بترشيح ربيع عواد عن المقعد الشيعي في جبيل.

بالنسبة لمطّلعين على موقف «حزب الله»، «مسلسل الخطايا» استُكمل بترشيح غادة عساف عن أحد المقاعد الشيعية في بعلبلك- الهرمل، في خطوة رمزية قد لا تغيّر في معادلة الأوزان ولكن يُنظر لها بعين الريبة من جانب جمهور «حزب الله»، في وقت كان يعلن فيه السيد نصر الله أنه قد يضطر الى أن يقصد منازل بعلبك بيتاً بيتاً كي يحمي «لائحة المقاومة» من الخروقات.

ومع ذلك، يُنتظر أن تُفتح صفحة جديدة يوم السابع من أيار. أقلّه هكذا وعد باسيل الأمين العام لـ»حزب الله» في لقائهما الأخير، حيث اعتبر رئيس «التيار الوطني الحر» أنّ للانتخابات «معصياتها» التي لا يجوز تعميمها زمن ما بعد الانتخابات، وستنتهي حكماً مفاعيلها مع إقفال صناديق الاقتراع.

يعني، في النتيجة، سيكون أداء «التيار الوطني الحر» تجاه حليف «تفاهم مار مخايل» موضعَ اختبار في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأنّ الملاحظات التي تسجّلها الضاحية الجنوبية على حليفها تتعدى التنافس الانتخابي، وتتصل بشكل بالأداء السياسي وبالتصريحات المثيرة للريبة التي أطلقها باسيل خلال الأشهر الستة الماضية.

ولعلّ الاختبار الأول الذي ستخضع له العلاقة هو تركيب حكومة ما بعد الانتخابات. تدلّ المؤشرات على أنّ المتحمّسين لمؤتمر «سيدر 1» وموجباته الإصلاحية، سيستعجلون تأليف الحكومة الجديدة التي يُرتقب أن تواجه عدداً من المطبات والعراقيل:

– أبرزها حقيبة المال، وهنا يؤكد مطلعون على موقف «حزب الله» إنّه طالما أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يضع خطاً أحمر يسيّج فيه هذه الحقيبة لتكون من حصته، فهذا يعني أّنّ «حزب الله» سيحمي هذا الخط برموش العين. ونقطة على السطر. وما يسري على الحقيبة يسري أيضاً على مَن سيسمّيه رئيس المجلس لحملها.

– التمثيل السنّي من خارج «تيار المستقبل» حيث تشير التقديرات الأوّلية الى دخول مجموعة من النواب المعارضين لـ»التيار الأزرق» وسيحق بالتالي لهؤلاء المطالبة بتمثيلٍ حكوميّ وفقاً لحجمهم…