لا يمكن لنواب التيار الوطني الحر إذا كانوا لم يتخلوا عن الانسجام مع رئيس الجمهورية، وعن الدور الذي لعبه رئيس التيار النائب جبران باسيل في تشكيل الحكومة، إلا وأن يمنحوا حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثقة، وكل كلام آخر عن برنامج وبيان وزاري وعن شروط ما هو إلا في سياق الاستهلاك الشعبي، وهذا الكلام في مكان والممارسة في مكان آخر.
قال التيار الوطني الحر أنه لا يرغب بالدخول في مفاوضات تشكيل الحكومة والمشاركة فيها، ولكنه في الحقيقة دخل في المفاوضات على كل شاردة وواردة وفي كل تفصيل حتى اللحظة الأخيرة التي سبقت الإعلان عن الاتفاق على ولادة الحكومة وقد حصل هذا الاتفاق تحت سقف رئيس التيار النائب جبران باسيل، ويشارك التيار في هذه الحكومة بوزراء من صلب فلكه السياسي ولو كانوا لا يحملون بطاقة انتماء للتيار، فالبطاقة هي نوع من الشكليات أما الأساسيات فهي في الولاءات وتبني الأفكار والإلتزام بالسياسات والأهم العودة إلى المرجعية الحزبية عند اتخاذ أي قرار على طاولة مجلس الوزراء.
وبناء على ما تقدم لا يمكن لنواب التيار الوطني الحر عدم منح الثقة لحكومة تحمل أولاً توقيع رئيس الجمهورية وهو الأب الروحي للتيار الوطني الحر وملهمه، فهل لا يثق هؤلاء بما أقدم عليه الرئيس وهل يشككون في أن توقيعه على الحكومة لم يكن مناسبا؟
كما لا يمكن لهؤلاء النواب إلا أن يمنحوا الثقة لحكومة تضمن وزراء من توجههم السياسي وتم توزيرهم تحت رعاية التيار وبمباركة شخصية من النائب جبران باسيل فهل يجوز أن يترك هؤلاء يتامى في خضم هذا الأتون المشتعل في لبنان؟
يصر التيار الوطني الحر وبحسب نواب ينتمون إليه على تقديم كل الدعم للوزراء المحسوبين عليه من أجل أن يحققوا نجاحات ولو بسيطة أو جزئية في الوزارات التي تولوها ولا سيما في وزارة الطاقة من أجل صرف هذه النجاحات على محدوديتها في انتخابات نيابية مقبلة إذا حصلت، ولكن الخشية عند هؤلاء النواب هو من الفشل وتراكم وتصاعد المزيد من الأزمات عندها سيكون التيار في موقف حرج إن واصل تبني الوزراء المحسوبين عليه وإن أنكرهم.
في التصويت على الثقة بالحكومة هناك ثلاثة خيارات:
ثقة،لا ثقة وممتنع. وبالتأكيد فإن تكتل لبنان القوي الذي يضم نواب التيار الوطني الحر والطاشناق ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال إرسلان لن يعتمد أبداً خيار لا ثقة، بل إن الخيار المنطقي لهذا التكتل هو ثقة، وربما تلجأ قلة قليلة من هذا التكتل وفق سيناريو متفق عليه الى الإمتناع عن التصويت ولكنه إن حصل يبقى من السيناريوات الباهتة التي لن تقدم ولن تؤخر.