اذا كان همّ اللبنانيين عموما هذه الايام موزعا بين ما قد يحصل على السلسلة الشرقية بعد انتهاء المعركة العسكرية مع ما ستتركه من تداعيات «انسانية» في ما خص ملف النازحين السوريين، وبين نقاشات ساحة النجمة «المحمومة» بانضباط لمعرفة مصير السلسة وتمويلها الذي طال انتظارهما، ان اهالي كسروان وطرابلس-الضنية مشغولون ومترقبون لقرار الحكومة تعيين موعد لانتخاباتهم النيابية الفرعية لملء الفراغ عن المقاعد الفارغة نتيجة وفاة النائب العلوي واستقالة النائب الاورثوذكسي عن عاصمة الشمال، وانتخاب النائب الماروني العماد ميشال عون عن دائرة كسروان رئيسا للجمهورية.
واذا كان الجدل ما زال قائما حول القانون الذي سيعتمد، والذي سيحدده عدد المرشحين عن كل مقعد وما اذا كان هناك لوائح ام لا في طرابلس، التي بدأ الحديث فيها عن ثلاث لوائح على الاقل، هي المدعومة من المستقبل وحلفائه، الثانية من تحالف اللواء اشرف ريفي والمجتمع المدني وأطراف سياسية مختلفة، وثالثة مدعومة من تيار العزم «الرئيس نجيب ميقاتي، فان جدلا من نوع آخر يدور حول الكلفة السياسية التي قد تدفع وتاثير تلك الانتخابات على موقع كل من التيار الازرق ورئيس الجمهورية، خصوصا ان ابرز مرشحي كسروان هو العميد المتقاعد شامل روكز.
وفي هذا الاطار ترى مصادر سياسية متابعة ان الرئاستين الاولى والثالثة تخوضان بشكل غير مباشر معركة اثبات وجود ضد تحالف لا يستهان به، قد يجعل من معركة طرابلس منازلة صعبة مع خلط الاوراق الجاري وعدم امكانية حسم النتيجة منذ اللحظة، رغم حديث البعض عن رغبة «مسعى» لبيت الوسط بالغاء الانتخابات الفرعية، خوفا من النتائج.
الا ان المعركة في كسروان تتخذ طابعا آخر في ظل ضمان فوز «مرشح العهد» الذي تبقى معركته الاساسية تأمين عدد كبير من الاصوات يفوق تلك التي حصل عليها العماد عون في 2009 او يوازيها، لما يؤمنه ذلك من «راحة» وهامش مناورة للمرشح «العوني» عند تركيب لوئح انتخابات ايار 2018، على ما تشير اليه المصادر، كاشفة ان وجهتي نظر تسود التحالف المناوئ لشامل روكز، الاولى تقول بعدم ترشح اي كان ضده بالتالي ما يفقده ورقة حشد الاصوات في حال كانت التزكية، والثانية تدعو الى خوض المعركة على اساس كشف الاستراتيجية التي سيعتمدها التيار ولمعرفة المستوى الذي بلغته شعبية البرتقالي الذي سيخوض المعركة بالتحالف مع حزب القوات اللبنانية، وبعض الشخصيات، خصوصا ان مقرا رئاسيا كان شهد منذ ايام عشاء ضم شخصية كسروانية وازنة بحثت مسألة الانتخابات الفرعية وما قد يكون عليها موقفها.
وتتابع المصادر بأنه خلافا لمصلحة المستقبل فان التيار الوطني يصر على اجراء الانتخابات الفرعية، التي بأحد اوجه نتائجها الطرابلسية قد تمنحه هامش مناورة كبير في مفاوضاته مع الازرق ربيع 2018، خصوصا اذا ما مني المستقبل بنصف هزيمة طرابلسيا، علما ان الخط العريض للتحالف العوني الانتخابي المقبل بات واضحا بانه صقفه خوض المعركة الى جانب المستقبل في كل لبنان، في استمرار واضح للتحالف القائم على الصعيد السلطة الاجرائية وتدعيما له.
فهل يحدد مجلس الوزراء موعد الانتخابات الفرعية؟ وماذا لو حصلت صفقة التأجيل او الالغاء، خصوصا ان الكثير من الظروف الموضوعية قد تحتم ذلك؟ وهل تصح الحليلات حول النتائج وتداعياتها؟ الاكيد ان الامور مفتوحة على كل الاحتمالات في ظل الرمزية التي تحظى بها هذه المعركة بنتائجها وانعكاساتها على التحالفات السياسية في منطقتين اساسيتين، الاولى تعتبر عاصمة الموارنة والثانية عاصمة السنة في زمن الثنائية المارونية-السنية التي لن يفسد في ودها قضية «الابراء غير المستحيل» على ما المح اليه النائب ابراهيم كنعان في الحلقة الاولى من جلسات مناقشة السلسلة امس.