IMLebanon

تحررت الجرود.. متى الدولة

طُويت صفحة «فجر الجرود» ميدانياً، وفُتحت جراح وطن بكامله بعدما كُشفت حقائق ووقائع حول ملف العسكريين المخطوفين لدى داعش يعود تاريخها إلى ما يزيد عن العامين، وبقيت طَي الكتمان، مبقية الأمل الزائف لدى الأهالي بإمكانية نهايات سعيدة لهذه القضية الشائكة، بشكل تداخلت فيه قوى خارجية وأجندات إقليمية، في غياب الشفافية والمصداقية امام المعنيين بالدرجة الاولى بها!

ان الفترة التي تلت فجر الجرود عززت الالتفاف حول المؤسسة العسكرية، الحامية الاولى والأخيرة لأمن الوطن وكرامة المواطن، من دون منّة او مقابل، وأسقطت القناع عن الكثير من القوى السياسية التي استنزفت لبنان واللبنانيين، في كيديات داخلية ومواجهات خارجية عبثية، متلاعبة على الوتر الطائفي، قالبة المقاييس حسبما تقتضي الحاجة.

لا يمكن نكران انتصارات الجيش على الاٍرهاب بدءا من نهر البارد وصولا الى الجرود، مرورا بكل العمليات الاستخباراتية التي أحبطت العديد من المخططات الإرهابية الهادفة الى إلحاق اكبر عدد من الضحايا، من جهة، وإشعال الفتنة الطائفية على الساحة الداخلية.

لقد صانت المؤسسة العسكرية أمن الوطن، فهل أعطتها القوى السياسية حقها من الدعم المعنوي الذي يصون معنويات ابنائنا الذين قدّموا زهرة شبابهم فدى الوطن، او حتى سعت لتأمين الدعم المادي للجيش كما ينبغي ان يكون له؟

بدلا من الصلاة الجامعة على روح الشهداء، والتهليل لجيش حفر النصر بيديه، دارت حفلة تقاذف التهم ورمي المسؤوليات يميناً ويسارا، من دون أية اعتبارات لمصاب الأهل المفجوعين، ومعنويات الأفراد على جبهات القتال.

اما الإيحاء ان الصفقة مع داعش وإخراج من بقي منهم بحماية الدولة كانت بهدف كشف مصير العسكريين فهي الطامة الكبرى، ولربما لو كان للشهداء من رأي لرفضوا هذا البازار، ولو كان للبنانيين من قول لكانوا دفنوا القتلة احياء، اما الدولة فمن الأشرف الا يكون لها قول في هذا العار!

لم يعد من جدوى نكء الجراح، وشهداء الوطن احياء عند ربهم يرزقون، وهو وحده القادر على الاقتصاص ممن تخاذل، إلا ان السؤال اليوم عن الدرس الذي تعلمه اللبناني من هذه المحنة، وهل نجح ولو لمرة في رؤية الحقيقة ابعد من العاطفة، واكبر من الطائفة، وأوضح من الاكاذيب والاضاليل، أم ان المزيد من الدماء سوف تراق حتى نفهم قدسية الوطن وعزة جيشه كمرجع عسكري اول وأخير؟

وأخيراً، هل سيترك المجال امام السلطات المختصة لتكشف التقصير في قضية العسكريين، كما طلب الرئيس عون، أم ان تقويض السلطات سوف يستمر ليطال كل من تسوّل له نفسه الحلم بدولة المؤسسات؟