Site icon IMLebanon

تجميد مبادرة الحريري لا يُنعش الحكومة

يتعامل «تيار المستقبل» مع مبادرة سعد الحريري تجاه سليمان فرنجية على أنها من دون خطّ للرجعة، بمعنى أنّه لا يمكن من بعدها العودة الى الوراء حتى لو واجهتها المصاعب، وهي متوقعة بنظر قيادة الفريق الأزرق. ولهذا لا يبدي هؤلاء استعدادهم لرفع رايات الاستسلام عند أول مطب وقع فيه الطرح الباريسي، حتى لو أصابه في العمق.

قد تكون المبالغة حملت أصحاب هذا الطرح الى الذهاب بعيداً في تخيّلهم لسيناريو ردات الفعل، لا سيما من جانب الخصوم حين سيتلقفون معادلة فرنجية – الحريري كونها تتخطى التوقعات، ومن الممكن بذلك أن تتجاوز كل المعوقات. لكن هذا لا يعني أبداً أنّ اعتبارات التيار المستقبلي ستدفعه الى التخلي سريعاً عن هذا الطرح حتى لو بدت الطريق مقطّعة الأوصال بفعل الحواجز، لا بل على العكس لن يكون سهلاً على من قفز هذه القفزة العملاقة في مقاربته للملف الرئاسي، أن يعود أدراجه وهو يعرف جيداً أنّ خيار سليمان فرنجية لم يأتِ من عبث أو من فراغ، وإنما ناجم عن حسابات جدية لها أثمانها ومكاسبها.

هكذا، سيكون صعباً على هذا الفريق أن يلقي سلاحه سريعاً ويعيد جدولة مقاربته للاستحقاق الرئاسي على قاعدة إبعاد القطب الزغرتاوي عن لائحة الترشيحات الجدية، وإنما هو يتكل على عامل الوقت ليساعده على فكفكة الألغام التي ظهرت أمامه وجعلت من ترشيح فرنجية صعباً وإنما غير مستحيل، انطلاقاً من قناعة راسخة في أذهان قيادته تفيد أنّ فرنجية صار مرشح التقاطع بين الاصطفافين، وعلى هذا الأساس يفترض تدوير زوايا الممانعة المسيحية الرافضة. وهنا بإمكان الوقت لعب الدور المؤثر.

إذاً، صار ترشيح فرنجية ثابتاً حتى لو لم يكن متقدماً على غيره، ولكن سقوط الموانع التي كانت تحول دون حصول «صديق بشار الأسد» على لقب فخامة المرشح، حصّنت مكانته على اللائحة الذهبية وجعلت منه منافساً جدياً لغيره من الموارنة الطموحين.

وعليه، من المتوقع أن يعمد الفريق المتحمس لترشيح القطب الزغرتاوي الى رفع منسوب ضغطه بعد عطلة الأعياد تأكيداً منه على ثبات موقعه، وسعياً منه الى إحداث خرق ما في جبهة الرفض التي لا تزال متماسكة الأجنحة.

بالنتيجة، ثمة من يعتقد أنّ حلبة الترشيحات الرئاسية صارت محصورة بإسمين: رئيس

«تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، والا فإنّ فخامة الشغور سيظل متربعاً على الكرسي المخملي.

بالنسبة لهؤلاء، لم تعد «الساحة الذهبية» تتسع لأكثر من هذين الاسمين، وباتت الخيارات محددة بين الحليفَين من دون غيرهما، على قاعدة أنّ قوى «8 آذار» ستتصرف على أساس أنّ رئاسة الجمهورية صارت من حصتها بعدما تنازل «تيار المستقبل» عن حصّته في هذا الموقع مقدّماً اياها الى الفريق الخصم، ما سيدفع بالأخير الى رفع سقف مطالبه أكثر، وبشكل يتخطى رئاسة الجمهورية، ليطال بشكل خاص قانون الانتخابات والآليات السياسية، وهما البندان اللذان يتجنّب «تيار المستقبل» الاقتراب منهما، ويعتقد أنّه بمجرد سحب يديه من «خلطة» رئيس الجمهورية فإنّ بامكانه انقاذ نفسه من تجرع كأس قانون الانتخابات وتداعياته.

على هذا الأساس، يسود الاعتقاد أنّ تجميد مبادرة سعد الحريري لن يأتي بثماره لمصلحة حكومة تمام سلام من باب إنعاشها وإعادة ضخ الحياة في عروقها، وفق ما يظنّ البعض أنّ الجنرال عون قد يعمد الى ترييح الساحة الداخلية من خلال خفض منسوب الشلل تعويضاً عن رفضه للطرح الباريسي ونفضاً لتهمة العرقلة التي قد تلصق به.

وعلى العكس تماماً، يقول هؤلاء إنّ رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» هو اليوم مرشح «أكثر من أي وقت مضى»، وقد زادت ثقته بترشيحه مذ أن قرر «تيار المستقبل» الخروج من دائرة الترشيحات الوسطية الى رحاب ترشيحات الفريق الخصم. ما يعني أنّ ما كان ممنوعاً خلال الفترة السابقة صار متاحاً في المرحلتين الراهنة والمقبلة. وبالتالي لا جدوى من اعادة تعويم الحكومة كي لا تكون الحلّ المؤقت للشغور الرئاسي، لأن المطلوب هو الضغط باتجاه تسوية تأتي بخلف للشغور الممتد منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 أيار 2014.