IMLebanon

تجميد دعم فرنجيه للرئاسة الأولى هل يعطّل فصل لبنان عن حرب سوريا؟

على رغم مسارعة عدد من السياسيين الى إعلان نعي مبادرة دعم ترشيح النائب سليمان فرنجيه للرئاسة الاولى بناء على التفاعلات والتداعيات التي بدأت تظهر على أثر الصدمة التي أحدثتها فكرة ترشيحه، لا تعتقد مصادر ديبلوماسية غربية أن هذه المبادرة سقطت فعلا، بل هي تجاري رئيس مجلس النواب نبيه بري في اعتبارها مجمّدة في ظل تساؤلات تطرحها هذه المصادر حول من يستطيع ان يخطو في اتجاه اعادة تحريك الموضوع الرئاسي بناء على ذلك، وهل يمكن ان يحصل ذلك عبر طاولة الحوار برئاسة بري أو عبر سبل أخرى؟ وفي الافق على سبيل المثال الزيارة المرتقبة للرئيس الايراني حسن روحاني لباريس بعدما كانت أرجئت منذ ما قبل الاعياد انطلاقا من أن فرنسا وحدها لا تزال تولي موضوع الرئاسة في لبنان الاهمية التي يستحق، لكن من دون اغفال واقع ان ايران غالبا ما رمت الكرة في موضوع الرئاسة في ملعب “حزب الله” الذي طلبت منه الكثير الكثير في الموضوع السوري، فتترك له القرار في موضوع الرئاسة جنبا الى جنب مع رمي كرة حسم الموضوع في ملعب الافرقاء المسيحيين أنفسهم. كما تجاري هذه المصادر بري في دعوته الى نزول النواب الى المجلس وانتخاب أحد المرشحين من قوى 8 آذار، أي سليمان فرنجيه أو ميشال عون، ما دام الخلاف بات محصورا بينهما على رغم الاقرار بأن الأمر ليس بهذه السهولة، بمعنى أن الخيارات ليست سهلة أمام النواب لانتخاب هذا او ذاك، ولا يمكن من جهة أخرى أن ينزل العماد عون الى مجلس النواب لمنافسة فرنجيه ما لم يكن متأكدا من حسم المعركة الانتخابية لمصلحته.

جملة أسئلة تثيرها هذه المصادر بناء على هذا الواقع، ومن أبرزها ما يتصل بما إذا كان تجميد مبادرة دعم فرنجيه يعني إفشال محاولة فصل لبنان عن الحرب السورية، انطلاقا من أن هذا الاحتمال قد يعني تأجيل موضوع الرئاسة الى أمد غير معروف ربطا بموضوع سوريا. فكل المساعي التي جرت في موضوع الرئاسة اللبنانية، ومنها ما تولته باريس في أكثر من محطة في اتجاه كل من المملكة السعودية وايران، انطلاقا من عدم رغبة البلدين في شمول لبنان بالصراع الاقليمي بينهما، يجب ان تدفع بهما الى العمل على تمتين استقراره الهش باتاحة المجال امام الافرقاء الداخليين للاتفاق على تسوية في ما بينهم من اجل تأمين انتخاب رئيس للجمهورية والاتفاق على سائر الملفات، اي حكومة الوفاق الوطني العتيدة وقانون الانتخاب وحتى البيان الوزاري للحكومة. ويبدو ان السعودية تجاوبت مع هذه المساعي من خلال تغطية انفتاح الرئيس سعد الحريري على النائب فرنجيه والتحاور في ما بينهما، إذ تكشف المصادر الديبلوماسية الغربية أنها تبلغت من الديبلوماسية السعودية تداول اسم فرنجيه او احتلاله الواجهة في الملف الرئاسي في الخريف من العام الماضي. والاسم في ذاته أثار جملة اسئلة مقلقة بالنسبة الى دول تهتم بلبنان. وتفيد هذه المصادر ان الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالنائب فرنجيه بعد استقباله الرئيس الحريري في الاليزيه لم يكن بهدف تزخيم مبادرة الحريري او دعم فرنجيه، وفق ما تم تفسير هذا الاتصال في الداخل، بمقدار ما كان اتصالا للتعرف الى فرنجيه واستيضاحه مواقفه من جملة أمور، من بينها كيفية رؤيته للفصل بين الوضع في لبنان والوضع في سوريا، وكذلك بالنسبة الى نقاط تقلق فرنسا في شكل خاص ويمكن أن تقلق غيرها في سياسة الرئيس المقبل. ويهم الدول المعنية أن تبرز النقاط الاساسية التي تعنيها في موضوع لبنان والخطوط العريضة التي تتوقعها. في أي حال، فإن المبادرة المتصلة بدعم ترشيح فرنجيه لم تلق تجاوبا او دعما ايجابيا من أفرقاء ينتمون الى المحور نفسه. فهناك من جهة قيادة “حزب الله” التي صمتت على موضوع ترشيح فرنجيه، فيما جمدت المبادرة في الواقع ورفع سقفها بالاصرار على دعم العماد عون، في حين أن طرفين آخرين بدا لافتا إدلاؤهما بدلوهما في هذا الاطار، هما روسيا ونظام بشار الاسد. ولم تبد روسيا التي لا يوردها الافرقاء اللبنانيون في حساباتهم في الموضوع الرئاسي، على عكس ما يحسبون حسابا للموقفين الاميركي والفرنسي الى جانب موقفي السعودية وايران، حماسة لبت موضوع انتخاب فرنجيه في هذا التوقيت، وكان هناك رد فعل مماثل او مشابه من جانب النظام السوري وفق ما تكشف هذه المصادر، بمعنى أن الموضوع الرئاسي اللبناني يحتمل التأجيل وفق ما تنتهي اليه خلاصات مواقف أركان هذا المحور.

الى أي مدى يبقي الحزب موضوع الرئاسة معلقاً؟ وما العامل الذي سيحفزه على تبديل موقفه الراهن؟ هذان السؤالان يضافان الى السؤال المتعلق بما إذا كان تجميد دعم فرنجيه هو لمنع فصل استحقاقات لبنان عن الحرب في سوريا، وهو العنوان الذي رفعه الحريري على الاقل لهذه الفكرة، وتاليا، هل تجميد انتخاب فرنجيه يمكن أن يؤدي تبعا للتطورات الى الذهاب نحو خيار ثالث غير فرنجيه وعون، بحيث يضحي الحزب بمرشحين أساسيين لا يمكن أن يحلم بوصول أحدهما لجهة ترشيح واحدهما بعد الآخر من خصومه؟