Site icon IMLebanon

هل يُكرّس مُؤتمر باريس إحياء المبادرة الفرنسيّة ـ الأميركية لوقف إطلاق النار؟ 

 

 

يعتبر «عيد الغفران» اقدس اعيادهم، فرضُ صيامه شريعة تلمودية، هو «الفرصة الاخيرة لتغيير المصير الشخصي او مصير العالم في السنة الآتية» وفق التراث اليهودي؛ وكلاهما حاجة رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، ومن منطلق العقيدة الباطلة لا يزال نافخآ رياح حرب عاتية قاربت التحول اعصارآ ضاربآ المنطقة من غربها الى شرق المتوسط.. فيما اتت زيارته الشهيرة وكلمته امام الكونغرس الاميركي شبه تفقد محطة الارصاد الجوية قراءةً لإستمرارية المنخفض الجوي ما يضمن زيادةً في وطأة العدوان دون تلكؤ..!

 

ما كان متوقعآ شراسة القصف الجوي لا عمليات «قذرة» Sucio استخباراتيآ من صنف Pagers وWalkie Talkie ادت الى اصابة آلاف المدنيين بعاهات دائمة، وما كان صادمآ التمكن من اختراق بنية المقاومة باغتيال قياداتها وصولآ الى الامين العام لحزب الله الشهيد حسن نصرالله. وكما غزة كذلك لبنان ثابر العدو على نفس نهجٍ لجذور عقيدة متفلتآ من اخلاقيات قواعد الحرب متنكرآ للقانون الدولي الانساني فيما الوطن باقٍ في عين الاعصار…!

 

ثم ان استهداف قوات الطوارئ الدولية ومراكز الجيش اللبناني بالتزامن مع دعوة نتنياهو امين عام الامم المتحدة انطونيو غوتيريش انسحابها الى عمق مرحلي 6 km، يحمل في طياته محاذير كارثية تبلور اصرارآ على تنفيذ خطة الاجتياح البري وصولآ الى خط الليطاني، بصرف النظر عن الأثمان على اعتقاد قدرة تحمل بمواجهة المقاومة…! من الواضح ان لا عودة الى الوراء في الحرب التي تشنها «اسرائيل» على لبنان، طالما الردع الاميركي صنو تمنٍ، إلا اذا استشعر نتنياهو عقم المواجهة الشاملة والخسائر الهائلة التي ستلحق بألويته المدرعة، سواء في الميدان ام تحت ضربات صاروخية اكثر ايلامآ ما يحتم مخرج تسوية على الحامي بالفرض الناري بعيدآ عن نصر يقارب هزيمة…!

 

اتت الصورة الثلاثية الشهيرة للقاء عين التينة، لتؤكد بعدآ عن شكليات ان مضمونه وبيانه الختامي جامع وطنيآ، مسلك جهد سياسي ديبلوماسي يصب في خانة تجنيب لبنان الكارثة الوجودية، عبر طرح العودة الى اتفاق الهدنة الموقع بين لبنان و”اسرائيل» عام 1949 بالتمازج مع تطبيق القرار 1701 ،رغم انكفاء دول «الخماسية» وعجز مجلس الامن الدولي عن فرض وقف مرحلي لاطلاق النار على مؤشر اكتفاء عربي ودولي بإرسال المساعدات الطبية والغذائية الى لبنان….

 

في الواقع الآني، ان القصور الذاتي عن انتخاب رئيس للجمهورية وتجديد السلطة من نوع التخثر الوريدي مانع دفع حضوري للبنان في المحافل الدولية وانتقاص من قيمته الدستورية، من هذا المنطلق يتابع الثلاثي بري- ميقاتي- جنبلاط تسويق تسوية مقبولة من افرقاء الداخل المأزوم على اسس احترام خلافات او تنوع آراء تحت مظلة وثيقة الوفاق الوطني، لمواجهة المخاطر الداهمة… كما ان ازمة النزوح -1.4 مليون نازح- باتت مفتوحة على تحديات جمة، فيما الحكومة تعمل بالامكانات المتاحة محاولةً استيعاب الكارثة معيشيآ وتنظيميآ، كما احتواء ترددات امنية محظورة ما يفرض استتباعآ تعاون الامن والقضاء تلافي وردع ممارسات قد تصل الى حدود تهديد السلم الاهلي…!

 

التغيير الجذري الشرق اوسطي لبه المشروع الصهيوني الاساس، ونتنياهو عراب استكمال رؤية توراتية حلم «اسرائيل الكبرى»، مع تعميم اتفاقيات «ابراهام» التطبيعية الموقعة بين دول عربية عدة والكيان الغاصب برعاية الولايات المتحدة…! وإذ حاول قادة حركة حماس بالقوة الدافعة من مآسي ومظالم تفجير قدرة ثورة مشتعلة، خشية خبو نارها ببسالة طوفان الاقصى، فرض عودة القضية الى المحافل الدولية وتحريك حل الدولتين، فكان الرد من عقل سفاح وغريزة قاتل تدمير غزة، ابادة جماعية، محاولة القضاء على المقاومة وتهجير سكان القطاع… ثم استثمار الحرب ونقلها الى مخيمات الضفة الغربية تمهيد (ترانسفير) الى شرق الاردن… فيما بقي حزب الله شوكة في حلق الاحتلال، فكان الحل الوحيد خطة جهنمية لقتل قادته حُضرت بهدوء دم بارد وتآمر ضمن خرق العمق التنظيمي، في توازٍ مع محاولة تدمير بنية المقاومة العسكرية بالكامل…!

 

في السياق؛ وسط تصاعد التوتر الاقليمي اتى البيان الصادر عن  البيت الأبيض إثر المكالمة الأخيرة التي أجراها بايدن ونائبته كامالا هاريس مع نتنياهو، تهميشآ لأية مساعٍ تحجب النيران وتحقن الدماء؛ إذ لم يتطرق الحوار الى ما يعول عليه في مسألة وقف إطلاق النار، بل كرس دعمآ مطلوبآ مجددآ مؤشر استمرارية الحرب دون عواقب عبر موافقة البنتاغون على سد ثغرة هامة في النسق الدفاعي للعدو من خلال نشر منظومة الدفاع الجوي الصاروخي THAAD المخصصة لاعتراض الصواريخ البالستية القصيرة والمتوسطة المدى مع أطقمها  العسكرية المشغلة…!

 

ختامآ، في غياب افق الحل الديبلوماسي واستجابة للإغاثة الطارئة، اعلنت باريس استضافة مؤتمر دولي في الرابع والعشرين من الشهر الحالي تحت عنوان (من اجل دعم سكان لبنان وسيادته) هدف حشد تضامن دولي يلبي احتياجات سكانه الإغاثية، مع اقرار سبل دعم المؤسسات اللبنانية الشرعية، سيّما القوات المسلّحة الضامنة الاستقرار الداخلي في البلاد…!

 

وإذ يأتي المؤتمر بعد تراجع المسؤولين الاميركيين عن دعواتهم لوقف اطلاق النار وترك العمليات البرية للعدو تأخذ مداها، مترجمآ في حينه من خلال تصريح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر: «ندعم اسرائيل لشن هذه الهجمات، لنتمكن من التوصل إلى حل ديبلوماسي، كما نأمل اضعاف حزب الله بما يكفي ليصبح أقل تأثيرآ في السياسة اللبنانية»… يسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من خلال المؤتمر إحياء المبادرة الفرنسية -الاميركية بالتنسيق مع وزير الخارجية الاميركي المشارك انطوني بلينكن، هدف اقرار آلية تنفيذية لوقف الاعمال العدائية، وفقآ لمندرجات القرار الاممي 1701+، سيما بعد اعلان الحكومة اللبنانية التزامها فكّ الارتباط بين الجبهة الجنوبية وغزة…!