لم يعد الكلام عن الفساد في لبنان مجرّد وجهة نظر، أو تكهنات دعائية من قِبل المعارضين للسلطة الفاسدة، بل أصبح حديث المنتديات الدولية والأوساط الإعلامية العالمية، التي أبدت استغرابها الشديد لمستوى التدهور الحاصل في الإدارة اللبنانية، وتفشي سرطان الفساد في مختلف مفاصل الدولة اللبنانية.
مجلة «أوبسرفاتور» الفرنسية أوفدت خمسة من الصحافيين الاقتصاديين لإجراء مجموعة تحقيقات عن الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، بعدما وصلت مديونية بلد الأرز إلى ثمانين مليار دولار، ومن المرجح أن تبلغ ستة وثمانين ملياراً آخر العام الحالي.
نتائج التحقيقات الفرنسية ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، التي تفاجأ كثيرون من روادها بما توصّل إليه الفرنسيون من أرقام العجز والفساد، بالوقائع والوثائق، إلى حد التأكيد أن معظم العاملين في الحقل السياسي، قد حققوا ثروات، بمعدل مليار دولار لكل واحد منهم!
وقارنت المجلة الفرنسية بين المديونية اللبنانية بملياراتها الثمانين، وبين الكلفة المقدرة لإعادة إعمار سوريا، من تأمين الكهرباء والمياه إلى بناء المدن والقرى المهدمة، والتي تقتصر على خمسة وستين مليار دولار فقط ، مع العلم أن اللبنانيين لم يبنوا معملاً واحداً لتوليد الكهرباء، ولا سداً لتأمين المياه، ولم ينفذوا خططاً طموحة لشق الأوتوسترادات والمرافق العامة.
أخطر ما ورد في تحقيقات «الأوبسرفاتور»، تأكيد الحصول على معلومات موثقة بالأسماء والأرقام تدين شخصيات عامة بالفساد، وتكشف كيفية سرقة وهدر الأموال العامة، وفشل المسؤولين في معالجة العجز على امتداد ثلاثين عاماً، الأمر الذي أدى إلى وصول الدين العام إلى 86 مليار دولار في نهاية 2018!
كلام فرنسي هو أشبه بجرس إنذار دولي لممارسات الطبقة السياسية الفاسدة، عشية انعقاد مؤتمرات دعم لبنان في الشهرين المقبلين… فهل مَن يسمع؟