IMLebanon

أكَلَةُ الجبنة والمطعم الفرنسي

 

يخيِّرونكم، بين أن تكونوا: إمّا مع السعودية وإمَّا مع إيران…

أليس هناك خيار ثالث، بأن تكونوا أنتم مع «أنتم»، قبل أن تكونوا مع هذا الآخر أو ذاك، وتتخلّوا عن «أنتم»؟

وهل يجب أن يكون لبنان نصفه مع السعودية ونصفه الآخر مع إيران… وأن يظلّ لبنان الرسمي يحمل هُويَّة النزوح في دوائر النفوس اللبنانية والعربية والدولية؟

إذا أصبح لبنان إيرانياً فقد يتعرض لحرب إسرائيلية دولية…

وإذا أصبح لبنان سعودياً فقد يتعرض لحرب داخلية مذهبية…

وفي هذه الحال، ليس من خيارٍ مطروحٍ أمامه، إلّا أن يكون مع نفسه الكلّية، قبل أن يكون مع إيران وحلفائها أو مع السعودية وحلفاء حلفائها.

أخطر ما تواجهونه يا «أنتم» ليس عدم النأي بالنفس، بل الزجّ بالنفس في غياهب التحديات الخطيرة التي تشهدها المنطقة اليوم، وهي على أبواب عملية التسوية، حيث الجبابرة يتقاسمون أرباح المذابح ويتبارزون للفوز بالمكتسبات التي أفرزتها بُرَكُ الدم البشري.

وأخطر ما تواجهون، هو أن تكونوا «أنتم» سبايا الغزو في المعارك القبلية الضارية لإطاحة الرؤوس وتقاسم العروش.

ألَا تسمعون، عن قيام جبهة تقودها الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة بالإشتراك مع إسرائيل وبعض العرب، لمواجهة بعض العرب والحؤول دون السيطرة الإيرانية إقليمياً وحزب الله داخلياً بدعم روسي وتركي وربما صيني؟

أفما قرأتم خلفية القرار الذي اتخذته لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي بتشديد العقوبات على إيران معطوفاً على قرار الرئيس دونالد ترامب بتوطين النازحين السوريين «السنّة» في لبنان؟

أفما سمعتم الخبر العاجل عن الإستفتاء الكردي وما قد يخلّفه هذا الإستفتاء من انعكاسات، فما بالكم إذاً، ترمون بأنفسكم في هذا الأتون المتأجِّج من النار على غرار نساء الهند في الغابر من الزمان، أفَلا تحسبون أيضاً حساب التهويلات التي يتصاعد صداها مع قرع الطبول من خلف خلف «يافا»، ولبنان من شيمِتِهِ الرقص عند قرع الطبول التي يتنافس بالضرب عليها أرباب أهل البيت؟

نحن لا نطمئنّ الى أيٍّ من رسائل الحمام الزاجل التي تستعملها السعودية أو إيران في استدعاء الحلفاء، ما يطمئننا هو أن توجِّه إيران دعوة الى سامي الجميل وسمير جعجع، وأن توجّه السعودية دعوة مقابلة الى محمد رعد وجبران باسيل، وليس صحيحاً أنَّ هذه الدعوات تتنافر مع مصلحة الأضداد اللبنانيين، ها هو إرسطو يقول لكم: «الضدّان من جنس واحد ليسا ضدّين في المطلق».

ولكن… وفي أسوأ حال، إذا تعذرت الحلول ونَأَتِ العقول عن النأي بالنفس حيال السعودية وإيران، فلا بدّ من أن يلجأ اللبنانيون الى ما اعتمده صاحب مطعم فرنسي في الحرب العالمية الأولى التي دارت سجالاً بين الفرنسيين والإلمان، فكان صاحب المطعم يرفع فوق باب مطعمه «آرمة» يحمل أحد وجهيها إسم المطعم باللغة الفرنسية، ويحمل الوجه الآخر الإسم باللغة الإلمانية فيدير وجهها الفرنسي إذا كان الفرنسيون هم الغالبون، ويدير وجه «الآرمة» الإلماني إذا كان الإلمان هم الداخلون… رحم الله هتلر.