Site icon IMLebanon

وقائع على هامش السيرك الفرنسي الخائب

 

انتقلت إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد زيارة رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، من الموقع الجاد الداعم لوصول مرشح الثنائي، إلى المرتبة البهلوانية التي يفترض سيرك متحرك، أن تخاض ببعض النقلات الهوائية.

 

ما يتعمّد الثنائي تسريبه عن الزيارة ونتائجها، لا يتعدى كونه مجرد قتال تأخيري لمعركة خسرت بالفعل. فمن تصريحات رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الواثق بأنّ الفرنسيين لم يقطعوا الطريق على فرنجية، إلى الكثير من الأمنيات التي تُبث على شكل تحاليل ومعلومات، يتضح مدى الترنح في مسار إيصال فرنجية. هذا الترنح الذي لا يريد أحد، لا الثنائي ولا أي من الحلفاء، الاعتراف به. وحده سليمان فرنجية الحريص على نفسه واسمه، يفصح ولو قليلاً عن هذا الترنح، بتأجيل إعلان ترشيحه المرة تلو المرة.

 

على هامش السيرك الفرنسي الخائب النتائج، لا بدّ من توضيح بعض الوقائع، التي يمكن أن تعطي الصورة أبعادها الحقيقية، من دون زيادة أو نقصان. لقد أبلغت المملكة العربية السعودية الفرنسيين أولاً، ومن يفترض تبلغهم، أنّها لن تقبل بأي رئيس تابع لـ»حزب الله»، وأنّ مرحلة بكاملها انتهت بالنسبة لها إلى غير رجعة. المقصود بهذه المرحلة، حقبة الدوحة وما تلاها من انقلاب على اتفاق الطائف. لن يكون على طاولة السعودية القبول بالثلث المعطل في تشكيل الحكومات مرة أخرى. لن يكون على طاولتها القبول برئيس يختاره «حزب الله». لن يكون على طاولتها ابتلاع طعم الضمانات، فالضمانات بالنسبة للمملكة غير مقبولة من أي طرف، ولا يضمنها أي طرف، وتحديداً «حزب الله». الضمانات تنبثق من رئيس يشكل الضمانة باستقلاليته وحياديته، وبقدرته على لعب دوره كاملاً كرئيس فعلي يطبق الدستور، ويرعى تشكيل حكومة بلا ثلث معطل، وبلا اتفاق دوحة.

 

حقبة اتفاق الدوحة انتهت بالنسبة للسعودية، والمطلوب تطبيق اتفاق الطائف، فذاك الاتفاق الذي نقضه الموقعون عليه، بإسقاطهم حكومة سعد الحريري، انتهى، والمطلوب بداية حقبة، الضمانات فيها مرتكزة على الدستور والقوانين، لا على مخادع يمحو الصبح كلامه الذي قاله في الليلة السابقة.

 

تمسك السعودية بمفاتيح اللعبة والقوة. أبلغت من يلزم إبلاغه بموقفها، وقالت إنّ الفرنسيين أحرار في أن يدعموا فرنجية، ويمكنهم أن يفعلوا ذلك لعشر سنوات، لكن موقف المملكة لن يتغير. وأبلغت المملكة أيضاً، أنّ بإمكان فرنسا أن تدعم «حزب الله» بإيصال مرشحه إلى بعبدا، وهم المسؤولون عن النتائج.

 

بعد زيارة فرنجية للإليزيه، ردت السعودية بزيارة الموفد القطري إلى بيروت. الواضح أنّ هذا الرد، يهدف إلى إفهام الجميع، بأنّ طريق الرئيس تُصنع بأياد عربية. جاء الموفد القطري إلى بيروت بالتنسيق الكامل مع السعودية، سأل أسئلة ثلاثة، عن الموقف من الاستحقاق الرئاسي، وعن إمكانية خلق قواسم مشتركة تنتج رئيساً، والأهم عن كيفية إرساء حل دائم، لا يجبر الموفدين العرب على العودة كل ستة أشهر، مرة لتشكيل حكومة، ومرة لإجراء انتخابات. السؤال الثالث كان الأهم، أي السؤال عن الحل الدائم، وقد سأله الموفد القطري باسم السعودية والخليج، وهو ما يمكن ربطه بإصرار المملكة على الحل الثابت والدائم، تجاوزاً لوهم الضمانات التي تطيح بها انقلابات القمصان السود.