بالمواقف والزيارات، وبالرسائل والمؤتمرات يتصدر امن لبنان اهتمام الدول “الخماسية” الضاغطة والدافعة في اتجاه ابعاد كرة النار “الاسرائيلية” عن ميدانه، حيث لا يزال المجتمع الدولي يسعى الى منع تمدد رقعة الحرب نحو لبنان. في المقابل، يواصل الفرنسيون بدفع من الاميركيين واعضاء “الخماسية”، العمل من تحت الطاولة وفوقها، املا بتمرير الاستحقاق الرئاسي في الوقت الضائع، في رحلة فصل لبنان عن ازمة المنطقة، وتحديدا غزة، التي يبدو ان تسوياتها قد تأخذ وقتا لاتمامها، وهو ما لا يتحمله الوضع اللبناني.
اوساط سياسية متابعة اعادت الاندفاعة الفرنسية الجديدة لبنانيا، بعد سلسلة الكبوات التي اصابت مساعي باريس، الى مجموعة من العوامل، ابرزها:
– تراجع الدور القطري، في ظل المهمات التي كلفت بها الدوحة بعد عملية “طوفان الاقصى” على الساحة الاقليمية، بطلب ودفع اميركي، في ظل الغياب الكامل للمملكة العربية السعودية ، وعدم اكتراثها للعب أي دور راهنا على الساحة الفلسطينية، وتسليمها “بحصتها” للاعب المصري.
-“الصلحة” التي نجح وفد استخباراتي فرنسي زار لبنان منذ مدة، في عقدها مع حارة حريك، بعد جلسة مصارحة ومصالحة عقدت، اوضح خلالها الجانب الفرنسي موقف الرئيس ماكرون الملتبس في شأن غزة والاحداث الاخيرة، وما تبعه من مواقف فيما خص الساحة الجنوبية. انفتاح ظهر جليا في تدخل لجان الحزب التنسيقية خلال الاشكال الذي حصل مع القوة الفرنسية في قريتين حدودتين، حيث عمد مسؤولو الحزب الى ضبط الاهالي وفك الاشكال الذي كاد ان يتطور.
غير ان اللافت على هذا الصعيد وفقا لمصدر سياسي معارض، ان الوفد الاستخباراتي وخلال وجوده في لبنان سأل من خارج سياق الحوارات ،واستفهم عن قاضي التحقيق في قضية تفجير مرفأ بيروت طارق البيطار وعن هذا الملف، غامزة في هذا الاطار من قناة الاجراءات القضائية التي اتخذت خلال الايام الماضية، والتي تبين ان النيابة العامة التمييزية اسقطت مذكرات التوقيف بحق مطلوبين هما الوزيران السابقان يوسف فنيانوس وقبله علي حسن خليل، حيث ابدت المصادر خشيتها من وجود قطبة مخفية حول ما يجري.
– الدفع الاميركي لفرنسا والتشجيع المستجد لباريس لاستعادة المبادرة داخليا، بعد المواقف الفرنسية المؤيدة لواشنطن و”تل ابيب” من مسالة معركة طوفان الاقصى، ورغبة الاميركيين في انجاح المبادرة الفرنسية بعد التعديلات التي ادخلتها باريس، والتي بدأت مع قيادتها للحملة الدولية للتمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون.
وتتابع الاوساط بان هذه الاستراتيجية الجديدة اوجبت “تصفية” خلية الايليزيه المعنية بالملف اللبناني بعدما فشلت في مهامها، لتأتي نهايتها مع تعيين مدير جديد لجهاز الاستخبارات الخارجية، عمل بشكل وثيق في ملف داخلي له ارتباطات بالجاليات الشيعية في افريقيا، من خلال متابعته لاوضاع اللاجئين من اصول افريقية على الاراضي الفرنسية. وفي هذا الاطار تكشف المعلومات المتوافرة، ان رئيس الاستخبارات الجديد، كان له تأثيره في عدم تسليم “داتا” اساسية طلبتها المخابرات الاميركية ترتبط بالمتوّملين اللبنانيين من الشيعة وغيرهم في افريقيا، وهي مسألة سبق واثارت توترا في العلاقات بين واشنطن وباريس على خلفية رفض الاخيرة تلبية الطلب الاميركي.
ولكن هل يعني كل ذلك ان المسعى الفرنسي سيكلل هذه المرة ، وسيصل الى خواتيمه السعيدة؟
الاوساط تشير الى ان الامور مرهونة بتطور الاحداث، رغم ان ثمة ضوءا اميركيا بتمرير تسوية لبنانية ما بعيدا عن الاحداث في غزة، يبدو حتى الساعة ان الجهة التي تعرقلها هي “تل ابيب”، فيما يبدو ان حارة حريك تبدي مرونة لافتة في شأنها، سواء على الحدود او في السياسة.
وتقول الاوساط ان الزيارة القريبة للموفد الفرنسي الى بيروت لودريان، ستكشف النوايا الجدية للاطراف اللبنانية، خصوصا بعد الفرز السياسي الواضح الذي نتج عن معركة التمديد للعماد جوزاف عون، والاصطفاف المستجد القادر على تحقيق خرق رئاسي في حال تم استثماره بالسرعة المطلوبة.