IMLebanon

اتصالات ديبلوماسيّة فرنسيّة بعيدة عن الأضواء لإبعاد لبنان عن سياسة المحاور

 

زيارة لودريان المرتقبة ستبلور المهمّة تفادياً لتحمّل لبنان تداعيات عدم حياده

 

مسألة حياد لبنان عن الصراعات الاقليمية والدولية، لا تعبر عادة بسلام وهدوء في لبنان، بل بتناحر وخلافات بين الافرقاء اللبنانيين المنقسمين اصلاً، حول أي ملف او قضية، لذا تبرز هذه المسألة خصوصاً في البيان الوزاري الذي يرافق كل حكومة جديدة، حيث يجري العمل والبحث عن العبارات التي تسير فوق الالغام، فتعبرها من دون خسائر، وإلا ستجد نفسها أمام جملة تحدّيات، والمثال على ذلك سلسلة الخلافات التي حصلت بين بعض الدول العربية ووزارة الخارجية اللبنانية، حين كان يتولاها الوزير جبران باسيل بسبب تصويته عكس «التيار العربي»، وإصداره بيانات مغايرة لتلك التي كانت تصدر عن معظم الدول العربية، الامر الذي شكّل مراراً إشكالات بينه ومجلس الجامعة العربية، وحتى ضد مسائل دولية، الى ان اتى الملف السعودي- اليمني فساهم في تشتت العلاقات بين لبنان ودول الخليج، ومن ثم الخلاف المستجد بسبب موقف لبنان من الحرب الروسية – الاوكرانية، والتي كادت ان تؤدي الى ازمة ديبلوماسية، تمّ تداركها بعد جهود حتى هدأت بعض الشيء.

 

من هنا، كانت الدعوات تتكرّر كل فترة من قبل بعض المسؤولين اللبنانيين، الذين نادوا بضرورة حياد لبنان واتباعه سياسة النأي بالنفس، لانها الحل الافضل في ظل خلافات مسؤوليه حول أي نقطة او موضوع، وهذا ما دفع ايضاً بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، الى تكرار هذه الدعوة في عظاته، والتحدث عنها خلال زياراته للخارج ولقائه كبار المسؤولين، حيث ناشد المجتمع الدولي لمساعدة لبنان في اتباع هذه السياسة، لانها تبعد عنه تداعيات موقفه من تلك الصراعات، بسبب انقسام أراء مسؤوليه وولاء اكثريتهم للخارج.

 

إنطلاقاً من هنا، ولتفادي وقوع لبنان في هذه المطّبات كل فترة، نقلت مصادر سياسية مطلعة عن ديبلوماسي غربي، أنّ اتصالات تجري بعيدا عن الاعلام بين دول غربية مهتمة بالوضع اللبناني، وفي طليعتها فرنسا بهدف إبعاد لبنان عن سياسة المحاور وتطورات الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وبالتالي عن تداعيات ما يجري هناك بسبب وجود بعض الاطراف اللبنانيين المؤيدين لسياسة المحورين المذكورين، مما يعني المزيد من الانقسام اللبناني الداخلي كما جرت العادة.

 

وتشير المصادر المذكورة، الى انّ باريس تتجه الى تحضير لقاء يجمع الافرقاء اللبنانيين، لمناقشة مسألة تحيّيد لبنان عما يحدث من تطورات خارجية، على ان تطرح هذه الفكرة خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، التي تمّ ارجاؤها بعد ان كانت مقرّرة مطلع الاسبوع الماضي، لكن تطورات الساحة الروسية – الاوكرانية ادت الى ذلك، فيما ما زالت الزيارة قائمة من دون ان يتم تحديد توقيتها، في انتظار ما ستؤول اليه الاحداث الخارجية.

 

ومن مهمات لودريان ايضاً في بيروت، تضيف المصادر، التشديد من جديد على ضرورة تنفيذ لبنان للاصلاحات المالية المطلوبة، لنيل المساعدات التي لم يبق أي مسؤول عربي او دولي إلا وطالب بها، خلال زيارته لبنان ولقائه كبار المسؤولين، من دون ان يتحقق شيء من تلك الاصلاحات على ارض الواقع، الى جانب تكرار لودريان ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، المقرّر في منتصف ايار المقبل، وإلا فالعقوبات في المرصاد.

 

مع إشارة المصادر الى انّ زيارة وزير الخارجية الفرنسية هذه المرة لن تكون كسابقاتها، بل ستحمل زخماً دولياً ومحطة بارزة ستتوصل الى حلول، وإلا لن يقوم بها خصوصاً انه سبق ووجّه الانتقادات اللاذعة الى المسؤولين، مع تذكيرهم بأنّ بلدهم ذاهب الى الزوال، لذا لن يأت هذه المرة من عدم، بل من باب انفراجات مرتقبة آن الاوان كي تحدث وفق المصادر، التي رأت ايضاً أنّ تبلور الامور سيظهر خلال الايام المقبلة على يد الفرنسيين، الذين يسعون لوقف الحرب بين الروس والاوكرانيين، بحيث يتواصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على ان تتوضح الامور في المنطقة ككل خلال اسابيع قليلة جداً، آملة ان ينتج من ذلك بعض الحلول لأزمات لبنان المتتالية.