ونجاحه مرتبط بقدرة الحكومة على «التغيير»
في الوقت الذي كان فيه السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه يكرّر التأكيد على مطالبة المجتمع الدولي بالإصلاحات، ويعتبرها أولوية في ظل الظروف الراهنة، أتى الجواب سريعاً من الحكومة من خلال دفعة التعيينات الإدارية والمالية، والتي وصفها مصدر نيابي مسيحي – مسيحي معارض، بأنها الأكبر والأكثر دسامة، والتي كرّست تحوّلاً مفصلياً نحو الضرب بعرض الحائط بكل الإلتزامات والتعهّدات الرسمية بالإصلاح، وخصوصاً من قبل حكومة الرئيس حسان دياب. واعتبر هذا المصدر، أن الحديث عن انتصار تحقّق من خلال التعيينات الأخيرة، يعكس صراحة أن صفقة سياسية قد تمّت على طاولة مجلس الوزراء، وستبقى أصداؤها حاضرة في المواقف والسجالات السياسية على الساحة المحلية لفترة طويلة، بانتظار أن تحلّ مكانها صفقة جديدة تفرضها الظروف المستجدّة بسبب تعاظم الأزمة المالية.
وعلى الرغم من إشارة السفير الفرنسي إلى الدعم المؤكد من بلاده للحكومة في مهمتها الإصلاحية، فإن المصدر النيابي نفسه، لاحظ أن الإشارات الديبلوماسية التي سُجّلت في الايام الماضية، تضع شروطاً واضحة إزاء استمرار هذا الدعم الفرنسي، وبشكل غير مباشر الأوروبي، فيما يستمر الموقف الأميركي على منحاه التشدّدي، والذي يترجم عبر المزيد من ضغط العقوبات من جهة، وفي التأخير في الحصول على أي مساعدات مالية من صندوق النقد الدولي من جهة أخرى. وكشف أن المجتمع الدولي والجهات المانحة والمؤسّسات المالية، يتّجهون نحو التوصل إلى قناعة بأن الموقف اللبناني بدأ يضعف في المفاوضات الجارية مع صندوق النقد، وذلك خلافاً لما كان عليه عند بداية هذه المفاوضات، وبالتالي، فإن المفاوضات لن تستمرّ إلى أجل غير مسمّى إن لم تترافق مع أدلّة ومؤشّرات لجهة تماهي الخطة الحكومية للإنقاذ مع الإصلاحات التي كانت طلبتها الدول المانحة في مؤتمر «سيدر» منذ عامين، وخصوصاً أن السفير الفرنسي أكد في أكثر من لقاء أمام مسؤولين لبنانيين على استمرار الإهتمام الفرنسي بتنفيذ مؤتمر «سيدر»، رغم التاخير الحاصل.
ومن ضمن هذا السياق، انتقد النائب المسيحي المعارض، عدم مبادرة الحكومة إلى الإستفادة من هذا الدعم الأوروبي والفرنسي تحديداً، وذلك بسبب الحاجة الملحّة إلى حليف غربي من أجل تمرير تحديات مرحلة الصراع المحتدم على الساحة الإقليمية بين القوى الدولية والإقليمية، وتحديداً الإشتباك الأميركي ـ الإيراني، والتي بدأت تترجم، ومن الناحية الميدانية، المزيد من التراجع للدور الأوروبي في المنطقة، وتالياً في لبنان. ولذا، تحدّث النائب نفسه، عن فرملة أوروبية لكل الجهود التي تصب في إطار مساعدة لبنان من خلال مؤتمر «سيدر»، بانتظار بلورة مشهد المفاوضات اللبنانية مع صندوق النقد الدولي خصوصاً، أن والإلتزام بقانون قيصر سيكون شاملاً ولن تبادر أي عاصمة غربية أو عربية إلى مخالفة مندرجاته تفادياً لأي إجراءات عقابية أميركية.
ومن الطبيعي، بحسب النائب ذاته، أن تواكب الحكومة هذه الحركة الفرنسية وتلاقيها في منتصف الطريق من خلال إعادة طرح إصلاحات مؤتمر «سيدر» واعتمادها ركيزة أساسية من أجل نجاح المفاوضات مع صندوق النقد، والخروج من دائرة الإنهيار المالي، علماً أن هذا الهدف لا يتحقّق فيما لو استمر التحدي اللبناني لكل التوجّهات المحلية كما الدولية بالتغيير.