Site icon IMLebanon

جهد فرنسي لـ«إنقاذ» الهبة السعوديّة

لم تجمّد فرنسا جهودها المبذولة مع السعوديّة لحماية «إمكانية» تسليم الأسلحة المموّلة من الهبة السعودية الملغاة بقيمة 3 مليارات دولار الى الجيش اللبناني «في الوقت المناسب».

استمرّ تظهير هذا المناخ الفرنسي مذ أعلن «مسؤول سعودي رفيع» في 22 شباط الفائت عن إلغاء الهبة، وبقي قائماً إثر تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 7 الجاري بأن الأسلحة الفرنسية ستذهب الى الجيش السعودي، وصمد أيضا بعد اللقاء الذي حصل في قصر «الإليزيه» بين الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووليّ العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمّد بن نايف في الرابع من الشهر الجاري، إذ يكرر الفرنسيون هذا المناخ أمام محدّثيهم اللبنانيين في أكثر من مناسبة.

ولعلّ التصريحات المقتضبة للناطق الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية والتي تكررت لغاية اليوم في 22 شباط ثم في 7 آذار، تشي بالكثير من النيات الفرنسية التي تركز على استقرار لبنان.

هذا الاستقرار الذي يشكّل الجيش اللبناني حجر زاويته الأساسي، كان في خلفيّة الاتفاقية الفرنسية السعودية المبرمة عام 2014، وتحديداً البند المتعلق بتسليح القوى المسلّحة اللبنانية وتجهيزها وتدريبها. وبالتالي، فإنّ كلام الناطق الرسمي الذي قال في تصريحه إن فرنسا تستمرّ بالسعي لتحقيق هدف الإاتقرار اللبناني، لا يزال ساري المفعول، ولا تزال فرنسا الحريصة دوماً على استقرار لبنان وعلى انتظام عمل مؤسساته، وفي مقدّمتها الجيش اللبناني، متفائلة فعليا بإمكانية أن تبدّل السعودية رأيها في الوقت المناسب وأن تسمح لها بتسليم الأسلحة والتجهيزات الى القوى المسلّحة اللبنانية.

لا تفاصيل يقدّمها الفرنسيون حين يسألون عن هذا الموضوع، مفضلين الصمت عالمين بدقّة المرحلة الراهنة، وهم استقبلوا في غضون شهر الرئيس الإيراني حسن روحاني وكذلك وليّ العهد السعودي. ويعترف الفرنسيون لمن يراجعونهم بأن أي خرق في المناخ المتوتّر حاليا صعب، وخصوصا بعد ما حدث أخيرا من جفاء ديبلوماسي بين لبنان والسعودية، وبعد الإعلان السعودي الرسميبأن الأسلحة الفرنسية ستكون من نصيب الجيش السعودي، لكن فرنسا تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه لتعيد تسليم الأسلحة الى لبنان.

لدى فرنسا مخاوفها المستمرّة حول الاستقرار في لبنان، وهي مخاوف لا ترتبط بإلغاء السعودية لاتفاقية «دوناس» بل تسبقها بوقت طويل، وتحديدا منذ وقوع الفراغ الرئاسي الذي يشارف على دخول عامه الثاني. فالوضع معقّد كفاية قبل وقوع الجفاء بين السعودية والدول الخليجية من جهة ولبنان من جهة أخرى. الأمل حاليا ضعيف جدّا حتى بالنسبة الى خرق سياسي لبناني وليس من سيناريو فرنسي مرسوم وواضح للمرحلة المقبلة، فالمشهد اللبناني لا يحمل أي جديد باستثناء عودة الرئيس سعد الحريري التي لم تؤثّر في القرار السعودي الذي جاء بعد عودة الحريري الى بيروت بأسبوع واحد، ما يعني أن هذه العودة لم تؤثر في الحسابات السعودية وبالتالي لم تدفع في اتجاه فتح الباب الرئاسي أيضا، إذ إن الأمور لم تتحرّك فعليا بالنسبة الى اللعبة السياسية اللبنانية.

لم تيأس فرنسا أيضا من تكرار محاولة فتح فجوة في الجدار الرئاسي السميك، وفي كل اللقاءات الفرنسية مع اللاعبين الإقليميين والدوليين فإن باريس هي التي تبادر الى إثارة «المسألة اللبنانية» مع الجميع، أما المحصلة فهي الآتية: الإيرانيون يجاهرون بأنهم لا يتدخلون في الشأن اللبناني وأن الملف الرئاسي عند اللبنانيين، والأمر سيّان لدى السعودية التي يقول المسؤولون فيها إن لا مصلحة لهم بالتدخّل في الاستحقاقات الداخلية اللبنانية لأنها ببساطة شأن لبناني!

إزاء هذا الواقع المتناقض من حيث شكل العلاقة بين الدولتين الإقليميتين، فإن الفرنسيين يكتفون بتكرار المحاولات دون كلل أو يأس.

ويبقى التهديد الإرهابي للبنان موجود دوما في خلفية المقاربة الفرنسية لضرورة الحفاظ على استقرار لبنان، فالتعاون الفرنسي موجود دوما على الصعيد العسكري والأمني قبل الهبة السعودية بأعوام، وهو تعاون أمني صامت لكي يعطي فاعليته المبتغاة، ويعتبر الفرنسيون أن التهديد الإرهابي هو قاسم مشترك مع لبنان ويذكرون تزامن تفجيري بئر العبد في ضاحية بيروت الجنوبية في 13 تشرين الثاني الفائت مع تفجيرات باريس المروّعة.