Site icon IMLebanon

مبادرة فرنسية – مصرية قيد البحث؟

كشفت مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع عن بوادر حركة فرنسية – مصرية لإقتحام الإستحقاق الرئاسي في خطوة لا تتجاهل الأطراف الأخرى المعنية ولا سيما إيران التي وُضعت في أجواء التحرّك الفرنسي بعد الفاتيكان الذي يقود تحرّكاً موازياً للفرنسي. لكنّ كلَّ ذلك لم يظهر قبل معرفة ما ستنتهي اليه المفاوضات الإيرانية – الغربية. وبناءً على ما تقدّم ما هو المطروح؟

لا يتجاهل الديبلوماسيون الغربيون والعرب عند متابعتهم التطورات في المنطقة ما تشهده باريس منذ يوم أمس من إجتماعات على مستوى «اللجنة المشترَكة الفرنسية ـ السعودية» برئاسة وزير الخارجية لوران فابيوس ووليّ وليّ العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان.

فهم يدركون أنّه عُدَّ اللقاء الأوسع والأرفع من نوعه بين البلدين للبحث في مشاريع عقود بينهما تسدّد فيها الرياض عشرات المليارات من اليورو، وذلك في إطار الصفقات العسكرية التي عُقدت لصالح الجيوش السعودية البرية والبحرية والجوية وفي مجالات مدنية وعسكرية، منها ما هو في قطاعات الطيران المدني والطاقة النووية والشمسية كما الصحّة والنقل الداخلي التي وُضعت بالأحرف الأولى في خلال زيارة الرئيس فرانسوا هولاند مطلع أيار الماضي إلى المملكة العربية السعودية وجاراتها الخليجية والتي أُحيطت بضجّة إعلامية تزامنت وحجم الأزمة التي عصفت بالعلاقات بين دول الخليج والإدارة الأميركية على خلفية مجريات الأزمة السورية والإتفاق النووي الأميركي – الإيراني.

قبل ان يلتقي فابيوس المسؤولين السعوديين أمس، كان زائراً فوق العادة في القاهرة قبل يومين حيث التقى نظيره المصري سامح شكري قبل ساعات على لقاء عقده مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف على هامش اللقاءات حول الملف النووي في جنيف.

وتناول فيهما كما قالت المصادر ملفّ الإنتخابات الرئاسية في لبنان من باب الإهتمام المشترَك بين الديبلوماسيّتين والتي بُنيت منذ فترة عبر حركة الموفد الرئاسي الفرنسي فرنسوا جيرو الذي قام بزيارات مكوكية بين بيروت وطهران والرياض منذ الشغور في قصر بعبدا أكثر من مرة في محاولة لتفكيك رموز الإستحقاق وتأمين التوافق الأوسع لإنتخاب الرئيس العتيد.

وقبل الغَوْص في ما جرى في العاصمة المصرية تحدثت التقارير الواردة من جنيف أنّ فابيوس تلمس ليونة ايرانية لم ترصدها بلاده من قبل. فلما

سأل نظيره الإيراني عن دور بلاده في الإستحقاق لم يَنَل سوى وعد باستمرار التشاور بين البلدين حول الموضوع، ولم يكن جوابه تقليدياً كما كان من

قبل عندما كانت تنفي طهران امام جيرو أيّ دور مباشر لها وترد القرار النهائي في القضايا الداخلية اللبنانية الى قيادة حزب الله وحلفائه اللبنانيين.

أما في مصر فقد حقّقت الديبلوماسية الفرنسية خرقاً هائلاً عندما تمّ التفاهم بين شكري وفابيوس على مقاربةٍ أكثر واقعية للأزمة اللبنانية وملف الإستحقاق خصوصاً.

فاتفق الطرفان على قراءة موحَّدة لضرورة حماية الساحة اللبنانية الداخلية من احتمال انتقال الفتنة من سوريا الى لبنان أيّاً كانت الكلفة المقدَرة ديبلوماسياً وسياسياً وفي العلاقات الدولية التي تتحكّم بالمعارك الطاحنة في سوريا وتلتقي على التهدئة في لبنان وعلى حماية ما تبقّى من مؤسساته الدستورية.

وجاءت هذه القراءة الإيجابية المشترَكة الفرنسية – المصرية من خلال الإختبار الذي شهدته الأزمة اللبنانية عبر تجربة إبعاد الخطر عن الحدود اللبنانية – السورية إبان الهجوم الذي قاده «حزب الله» في القلمون وما رافقه من مخاطر كادت تفجّر الوضع الداخلي لو توغّل الحزب في جرود عرسال ودفع المسلّحين الى داخل البلدة.

وجاء إنكفاؤه في اتجاه القلمون السوري ثمرة تفاهمات فرنسية وإيرانية وتركية أدّت الى إبعاد شبح الفتنة عن المنطقة وتحييد الجيش اللبناني عن مواجهة كادت الأحداث أن تقوده اليها في ايام قليلة.

وتوغلت المصادر في الحديث عن تفهّم مصري – فرنسي أدّى الى تفاهم على تنسيق المواقف بين العاصمتين لمواكبة نتائج التفاهمات بين ايران والغرب وإستثمار نتائجها على الساحة اللبنانية تحت عنوان الإنتقال من الإستقرار الأمني بحدّه الأدنى الى السياسي وتعزيزه بما يؤدّي الى إتمام الإستحقاق الرئاسي في أفضل الظروف الممكنة.

وتوافق الوزيران على اللقاء مرة أخرى في منتصف تموز المقبل لتقويم الموقف وللتنسيق في هذا الملف على خلفية معرفتهما بتأثيرات أيّ تفاهم يمكن أن يتمّ في 30 حزيران الجاري على الأزمات المرتبطة به في المنطقة ولبنان باعتباره الأكثر تأثراً من دون الملفات الأخرى التي تُعتبر أكثر تعقيداً.

وبناءً على ما تقدّم، تراهن الديبلوماسية المعنية بالملف اللبناني بقليل من الحيرة وكثير من الرغبة على إمكان قيام القاهرة وباريس بمبادرة ما، لن يطول انتظارها. وخصوصاً إذا ما تجاوزت المحور الفرنسي – المصري لتُبنى على تفاهمات اوسع يكون فيها لطهران والفاتيكان دور راع ومؤثر. فهل سنشهد إنجازاً من هذا النوع؟