IMLebanon

الموفد الفرنسي يُعيد ملفّ الإستحقاق الرئاسي إلى اللبنانيّين

الموفد الفرنسي يُعيد ملفّ الإستحقاق الرئاسي إلى اللبنانيّين

والبابا عبر الراعي يُعيده إلى القيادات المسيحية مع تحميلها المسؤولية

الموفد الفرنسي وضع البطريرك الراعي في صورة لقاءاته مع الإيرانيين والسعوديين والتي لا تبشّر بإمكانية حصول تفاهم على الإستحقاق الرئاسي اللبناني في وقت قريب

كل من يتسنّى له مراجعة تاريخ لبنان الحديث منذ 1943 وحتى أيامنا الحالية يكتشف أن كل رؤساء الجمهورية الذين تعاقبوا على حكم هذا البلد وصلوا إلى رئاسة الجمهورية بعد اتفاق إقليمي – دولي، ولم يصل أحد منهم بمحض قرار واختيار لبناني، وحتى عندما فوّض السوريون بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميّل البطريرك الماروني بترشيح 4 أشخاص يختار عهد الوصاية واحداً منهم تحوّل هذا الاختيار الى حرب جديدة بقيادة العماد ميشال عون تأكيداً لنصيحة وزير خارجية أميركا يومذاك بانتخاب مخايل الضاهر الذي لم يكن إسمه بين الأسماء الأربعة التي رشحها الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير لاختيار أحدهم. حتى أن الرئيس سليمان فرنجية الذي فاز على منافسه حاكم مصرف لبنان بصوت واحد لم يأتِ بقرار لبناني محض بل بأصوات أعضاء من جبهة النضال الوطني التي يتزعمها الشهيد كمال جنبلاط بناء لنصيحة سوفياتية – مصرية مشتركة حتى لا نقول أكثر وحتى لا نستعيد ظروف رؤساء لبنان قبل الرئيس سليمان من بشارة الخوري وكميل شمعون واللواء فؤاد شهاب وشارل حلو وبعد سليمان فرنجية من الياس سركيس وبشير الجميّل وأخيه أمين الى قائد الجيش إميل لحود وصولاً إلى آخر السلسلة العماد ميشال سليمان الذين جاؤوا كلهم بتوافق إما إقليمي أو دولي، نرى في المعركة الدائرة منذ حوالى تسعة أشهر حول من سيحتل قصر بعبدا من فعاليات الطائفة المارونية وقياداتها البارز منهم على الساحة السياسية الداخلية والمجهول محاولات من هنا ومحاولات من هناك أهمها الحوار الدائر حالياً بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر للبننة هذا الاستحقاق بمعنى أن يتفق اللبنانيون مسيحيين ومسلمين على انتخاب رئيس لهم يأتي بإرادتهم التي يمثلها نواب الأمة ولا يكون مرتهناً لأية جهة إقليمية أو دولية.

ومضى حتى الآن أكثر من شهر على الحوار الإسلامي – الإسلامي والمسيحي – المسيحي من دون أن تظهر في الأفق أية مؤشرات على أن البحث في الاتفاق على رئيس أسفر عن أية نتيجة بقدر ما تشي المؤشرات إلى عقم البحث بين الفريقين أو عدم الوصول الى مقاربة واحدة في شأن الاستحقاق الرئاسي ما يُفهم منه أن اللبنانيين ما زالوا عاجزين على لبننة هذا الاستحقاق وعزله عن التدخلات الخارجية والإقليمية والتقليل من دور هذه الجهات في صناعة رئيس للجمهورية اللبنانية مع الأخذ بالاعتبار الواقع السياسي الداخلي كما حدث مثلاً قبل مؤتمر الدوحة والاتفاق على انتخاب العماد ميشال سليمان الرئيس العاشر للجمهورية منذ إعلان الاستقلال في العام 1943 وانتخاب الشيخ بشارة الخوري أول رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال.

ولأن العالم بكل دوله يُدرك هذه الحقيقة التاريخية، دخلت فرنسا على خط المحاولات مع الجمهورية الإيرانية صاحبة النفوذ الأقوى في لبنان من خلال حزب الله الذي يُمسك بكل مفاصل الطائفة الشيعية ويُمسك بالقرار اللبناني من خلال قوّته العسكرية غير المحدودة ومع المملكة العربية السعودية التي لها مونة على الطائفة السنّية بزعامة سعد الحريري ولها بالتالي تأثير لا يمكن تجاهله في اختيار رئيس الجمهورية اللبنانية وعندما فشل في الحصول من الدولتين على وعد بتسهيل مهمة انتخاب رئيس الجمهورية أو إقناعهما بعدم التدخل في هذا الاستحقاق بحيث يتمكّن اللبنانيون من اختيار الأصلح لهذا الموقع عبر انتخابات ديمقراطية لنواب الأمة، عاد الى بيروت وجال على كل القيادات السياسية من فريقي 14 و8 آذار ليقرّ أمامهم بأنه لا تزال هناك صعوبة إقليمية في إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق أو من دونه وعلى اللبنانيين أن يأخذوا المبادرة في لبننة هذا الاستحقاق، أي بالاتفاق في ما بينهم على انتخاب رئيسهم وإلا سيبقى الفراغ في سدة الرئاسة سيّد الموقف إلى أن تصبح الظروف الإقليمية مهيّأة لإقامة تفاهم بين إيران والمملكة العربية السعودية على الرئيس المقبل وفرضه على اللبنانيين بوصفهم عاجزين عن اتخاذ قرار من هذا النوع.

وحسب المعلومات الواردة من روما عن لقاء الموفد الفرنسي جان فرانسوا جيرو والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي فإن الموفد الفرنسي وضع البطريرك الراعي في صورة لقاءاته مع الإيرانيين والسعوديين والتي لا تبشّر بإمكانية حصول تفاهم على الاستحقاق الرئاسي اللبناني في وقت قريب ويتعيّن بالتالي على اللبنانيين، وعلى المسيحيين خصوصاً بأن يتفاهموا على انتخاب رئيس يكون صناعة لبنانية ولو لمرة واحدة ما دام الفريق الإسلامي أعلن قبوله بأي خيار يتفق عليه المسيحيون.

ولأن معلومات الموفد الفرنسي عن العراقيل التي تحول حتى الآن دون انتخاب رئيس للجمهورية فوّض بابا روما البطريرك الراعي بوصف بكركي تشكّل المرجعية الدينية للموارنة ممارسة كل أنواع الضغط لحمل القيادات المسيحية على التفاهم في ما بينهم على شخص واحد يسمونه لرئاسة الجمهورية ويتركون لمجلس النواب مهمة انتخابه إذا كانوا حريصين على الجمهورية، وإلا فليتركوا الأمر للظروف التي ليست لا في صالح المسيحيين ولا في صالح الجمهورية.