IMLebanon

الموفد الفرنسي للمسيحيين: لا تضيّعوا الفرصة الموفد الروسي: الكنيسة الروسيّة مُهتمّة بلبنان

ما كان مستوراً مع عيب فاضح في الدولة اللبنانية بات مكشوفاً ومعيباً في الوقت عينه، وبدل ان يعمل المسؤولون اللبنانيون محلياً في الوقت المستقطع المعطى لهم من قبل الجهات الاقليمية والدولية على صعيد الامن والسياسة بدا هؤلاء في موقع الاستهتار وعدم الاهتمام لما يتم تقديمه لهم من هذه الجهات بخلاف ما يحصل على الساحات العربية من فلتان سياسي وقتل ودمار، وتقول اوساط نيابية ان ضرورة الاهتمام يجب ان تنصب على اغتنام هذه الفرصة لتمرير استحقاقات مصيرية في حياة البلد على فرضية ان اهمالها يمكن ان يودي بالساحة الداخلية اللبنانية نحو التشبه القائم في ساحات اخرى تشهد اقتتالاً داخلياً وان محور اهتمام الدول الغربية وعدم السماح باهتزاز الامن واشعال الفتنة مرده الى عوامل عدة وهي لا تمثل حاجات غربية ملحة بمقدار ترك الساحة لمعيار معين من الثبات وعدم الانهيار الشامل.

وتلفت هذه الاوساط الى ان امكانية ترك لبنان وسط بطن الحوت قبل هضمه امر وارد اذا لم يستغل اللبنانيون هذا التقاطع الاقليمي ـ الدولي والا فان ديمومة المظلة الدولية تقف عند حد عدم اهتمام المسؤولين بصعوبة المرحلة التي تمر بها المنطقة ولا تستطيع هذه المظلة الصمود امام الرياح العاتية التي تضرب الشرق الاوسط وعلى اللبنانيين في ادنى مهامهم ان يمسكوها قبل ان تطير من قوة العاصفة التي لن توفر رياحها العنيفة اي بلد في هذا الشرق الكبير إلا ان عاملاً قوياً يمكن ادراجه في عملية الحفاظ عليها وهو يتمثل بحسب الاوساط بالتالي:

1ـ الاهتمام الفاتيكاني المباشر بالوضع في لبنان والشرق ومصير المسيحيين فيه وان السفير البابوي في لبنان يقوم باتصالات بعيدة عن الاضواء وتبدو فعالة للغاية خصوصاً على الساحة المسيحية وذلك بارادة الكرسي الرسولي الذي لن يسمح بتفريغ المنطقة من سكانها الاصليين واتصالاته لا تقتصر على لبنان انما هناك كرادلة ارسلهم البابا فرنسيس الى دول القرار الكبرى في اميركا واوروبا وصولاً الى روسيا الاتحادية من اجل المساعدة على انفاذ الاقليات في الشرق.

2ـ مقابل هذا التحرك الفاتيكاني المعطوف على تواصل دائم مع الكرسي البطريركي في بكركي بدت خلال الايام الماضية شبه مرونة لدى القادة الموارنة تجاه ملفات عدة ان كان من جهة العماد ميشال عون او الدكتور سمير جعجع او الرئيس امين الجميل بحيث خفت حدة التصريحات النارية وتم استبدالها بمفردات الترحيب الى الرابية او النوايا الطيبة لدى معراب بالتوازي مع حركة بعيدة عن الاعلام تمثلت بزيارات بعيدة عن الاعلام لقيادات مسيحية من الصف الاول ولم يتم الاعلان عنها بفعل التجارب السابقة والتي لم تحرز تقدماً في تنفيذ نتائج اللقاءات على مستوى القيادات.

ولم تكن هذه الاجواء الايجابية لتحصل تقول الاوساط، الا لملاقاتها بالجولات الديبلوماسية والموفدين الاجانب الى لبنان وفق التالي:

اولا: استطاع الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو الذي التقى كافة القيادات من مختلف الاطراف ان يضع الجميع في خطورة الوضع في المنطقة وضرورة السرعة بلملمة الساحة الداخلية اللبنانية ويبدو ان جيرو هو الوحيد من بين الموفدين الذي تناول الملف الرئاسي كطبق اساسي في لقاءاته مع القادة كافة وخصوصاً المسيحيين منهم وهو لم يكن ليناً في محادثاته اذ تشير هذه الاوساط انه كان دقيقاً في مهمته سائلاً ومجيباً عن الملف الرئاسي بعدما قدمه له السفير الفرنسي في لبنان خريطة واقعية لتوزع القوى ومواقفها من هذا الملف، وحسب هذه الاوساط فان جيرو حذر القادة الذين التقاهم وخصوصاً المسيحيين منهم من اضاعة الفرصة لاعادة تكوين دورهم في الجمهورية اللبنانية في خضم التحولات القائمة في المنطقة وامكانية تغيير الخارطة الجغرافية والتي لا يعرف احد كيف ترسو، وانجيرو طرح مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي كافة العوائق التي تحول دون انتخاب رئيس جديد مع عدم الدخول في اسماء مرشحي الرئاسة الاولى وان الراعي اوضح للموفد الفرنسي انه لا يستطيع الدخول في الاسماء كي لا يقال فيما بعد ان البطريرك كان الى جانب هذه الفئة او تلك بل ان ثمة اوصاف تم التداول بها ولم يطرح جيرو بدوره اي اسم انما سمع من البطريرك الماروني اصراراً كبيراً وخوفاً ظاهراً من استمرار هذا الفراغ الرئاسي.

ثانياً: ميخائيل بوغدانوف الموفد الروسي بدوره درس مع الذين التقاهم من السياسيين الاوضاع الحاصلة في لبنان جراء الازمة السورية تحديداً وامكانية حصول ترددات غير ايجابية على الساحة اللبنانية بالاضافة الى كونه يحاول الامساك باوراق قوة تتيح لروسيا الدخول من الباب العريض الى المنطقة وترسيخ نفوذها، كما لم يغفل بوغدانوف الجانب المسيحي من زيارته بحيث بدا لهذه الاوساط وكأنه يكمل المهمة الفاتيكانية من حيث الاسئلة التي طرحها على بعض القيادات حول استمرار الفراغ الرئاسي وانعكاساته الخطرة على لبنان ومسيحييه مبدياً اهتمام الكنيسة الروسية بأحوال المسيحيين في الشرق وهذا ما لمسه الذين التقوا به وسمع من حزب الله في هذا المجال الكلام نفسه الذي قاله السيد حسن نصرالله عن العماد ميشال عون كمرشح علني ومعتمد من قبله على خلفية ان عون يمثل الشريحة الاكبر من المسيحيين في لبنان ولا يجوز ان يتمثل السنة والشيعة بقياداتهم فيما المسيحيون يأتيهم من يفرض عليهم ممثليهم في السلطة، وهذا الكلام سمعه بوغدانوف من جانب حزب الله في اطار ترسيخ التكامل بين اللبنانيين وعدم احساس فئات انها مستضعفة.

ثالثاً: لاحظت هذه الاوساط ان ثمة تعاوناً ايرانياً ـ فرنسياً على الساحة اللبنانية وهذا الانفتاح يتجلى بلقاء الموفد الفرنسي قيادات حزب الله في الضاحية الجنوبية وهذا ما لم يكن يحصل سابقاً ومن شأن هذا التواصل بين الدولتين انتاج مناخ مؤات يؤدي الى «التفاوض» بشكل ما حول آلية معينة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية مما يعني بصورة سوف تتظهر لاحقاً قيام حوار حول شخصية الرئيس المقبل وهذا يترجم ما قاله العماد ميشال عون بالامس حول استعداده للتفاوض على «بقاء الجمهورية» اي بشخصية لديها القوة للتواصل مع الجميع وأن تكون لها حيثية وان ابواب الرابية مفتوحة للجميع مما حدا بالنائب جورج عدوان الى القول: ان عون هو اللاعب الاساسي للانتقال والتفاهم لانتخاب رئيس، وهذه الصورة بمجملها تدعو هذه الاوساط الى التقاطها كي لا تحدث تطورات دراماتيكية تجعل من لبنان في قاع الاهتمام الدولي.