قرأت أوساط ديبلوماسية في الإعتداء ـ المجزرة الذي استهدف ليل أول من أمس مدينة نيس في جنوب فرنسا، امتداداً للحرب الدائرة بين المجتمع الدولي وفرنسا مع تنظيم «داعش» الإرهابي، بحيث باتت أوروبا، وبشكل خاص فرنسا، هدفاً دائماً للإرهاب، وذلك بصرف النظر عن كل الخطط الدفاعية الموضوعة لمواجهة أي اعتداء إرهابي. واعتبرت هذه الأوساط، أن القيادة الفرنسية متواجدة على خطوط التماس في الحرب العالمية الثالثة التي انطلقت من المنطقة وطرفها الإرهاب من جهة، والعالم كله من جهة أخرى. وإذ وجدت أنه من الصعب استباق مثل هذه العمليات الإرهابية، أكدت أن المواجهة تتخطى التدابير الأمنية المعتمدة وكل السيناريوهات الموضوعة من قبل كافة الأجهزة الأمنية الفرنسية، والتي تستخدم أحدث التقنيات والأساليب العالمية.
ومن ضمن هذا السياق، فإن الجريمة الإرهابية ستنعكس بقوة على المشهد السياسي الفرنسي بشكل خاص، بينما في الإطار العام، فإنها ستدفع نحو المزيد من التصميم لدى الإتحاد الأوروبي للانخراط في الحرب الدولية ضد تنظيم «داعش». وبالتالي، فإن التحوّل اللافت في الخطاب الفرنسي والذي تظهّر من خلال الكلمة العفوية الفورية التي وجّهها الرئيس فرانسوا هولاند إلى الرأي العام المصدوم بهول هذه الجريمة، حيث اعتمد عبارة عن «الإرهاب الإسلامي»، هو مؤشّر على اعتماد مقاربة مختلفة عن السابق، خاصة كما أوضحت الأوساط الديبلوماسية نفسها، لم تسجّل أي سابقة من هذا النوع في الخطاب السياسي بعد الجرائم الإرهابية التي استهدفت فرنسا خلال العام الحالي. وأضافت أن الرئيس الفرنسي هولاند استبق الإجتماع الأمني لكافة الأجهزة الأمنية الفرنسية المتخصّصة في خطابه فجر أمس الأول، إذ أن البروتوكول يقتضي بأن يوجّه كلمة إلى الشعب الفرنسي بعد حصول الإجتماع الأمني الموسّع.
وأشارت الأوساط الديبلوماسية عينها بالتالي، إلى خطورة ودقّة المشهد الأمني في فرنسا، كما في كافة العواصم الأوروبية، حيث أن موجة الرفض من قبل الدول الأوروبية جمعاء والتي تُرجمت من خلال زيادة الإتجاه نحو أحزاب اليمين في أكثر من بلد أوروبي، وصولاً إلى خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي أو «بريكسيت»، مؤكدة أنه لا بد أن تكون لهذا التطرّف اليميني تداعيات هامة على السياسات المعتمدة تجاه قضايا منطقة الشرق الأوسط والحروب والصراعات الكثيرة الدائرة في أكثر من دولة فيها. وتوقّعت الأوساط ذاتها، أن يتم اتخاذ أجراءات أمنية ميدانية وفورية على المستويين الداخلي، كما الخارجي، فعلى المستوى الأول سيتم التركيز على توحيد الجهود لكل الأجهزة، والتعاون مع دول الإتحاد الأوروبي، إضافة إلى تبادل «الداتا» الأمنية والملفات المتعلقة بالمشتبه بهم. أما على المستوى الخارجي، فإن التوجّه سيتركّز على مراقبة وضبط حركة الهجرة غير الشرعية الحاصلة من السواحل الليبية والتركية باتجاه الدول الأوروبية، والتي تمثّل العامل الأهم في دخول الإرهاب إلى هذه الدول الأوروبية وتعمل على خلق الواقع الأمني المهتز والخطير في آن.