Site icon IMLebanon

جلسة الأمس كشفت عمق الخلافات.. وترقّب لزيارة كولونا

 

كما كان متوقعاً، فإن جلسة إنتخاب رئيس الجمهورية الثانية لم يُكتَب لها النجاح بفعل عدم اكتمال النصاب، وما جرى، وفق المتابعين والمواكبين لما حدث، إن السيناريو كان مُعدّاً سلفاً لجملة اعتبارات أملت على رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحديد الخميس المقبل موعداً للجلسة الثالثة، بعدما جرت ليلة أمس الأول إتصالات بقيت بعيداً عن الأضواء بين رئيس المجلس ومرجعيات سياسية وحزبية، أفضت إلى هذا المخرج تجنباً لأي إنقسامات إضافية، وأي أبعاد طائفية ومذهبية بفعل بعض المحطات التي حصلت في حقبات سابقة، وعلى هذه الخلفية تم الإتفاق على اعتماد هذا المخرج، كي لا يقال أيضاً أن بعض الكتل النيابية تضامنت مع هذا الفريق، ولم تشارك في جلسة انتخاب الرئيس العتيد.

 

في السياق، ثمة معلومات مفادها أن بري، وعلى غرار ما سبق انتخاب الرئيسين ميشال سليمان وميشال عون، سيستمر في تحديد موعد الجلسات لانتخاب الرئيس، ولكن قد تحدث مفاجآت في حال نضجت الإتصالات الدولية والإقليمية الجارية حالياً، من أجل أن لا يصل عدد الجلسات كما حصل في الإستحقاقات الماضية، وبالتالي فإن المتابعين لهذا المسار يؤكدون بأن زيارة وزير الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا إلى بيروت، من شأنها أن تبلور مشهدية الدور الفرنسي من خلال ما ستحمله معها من توجّهات الرئيس إيمانويل ماكرون. وبمعنى آخر، هل في حقيبتها مرشحاً معيناً لرئاسة الجمهورية هو نتيجة توافق عربي ـ فرنسي ـ دولي بشكل عام؟ وهل ثمة تسوية ما زالت قيد البحث ولم تنضج بعد؟

 

لذا، الجميع يترقّب ما سينتج من هذه الزيارة ليبنى على الشيء مقتضاه، على اعتبار أن باريس هي من يتولى الملف اللبناني بتفويض أميركي، وإجماع عربي وغربي، وعندئذ يتبيّن متى سينتخب الرئيس العتيد، والسؤال المطروح: هل هناك “طبخة” رئاسية على النار من صناعة فرنسية ومباركة دولية؟ هذا ما يشير إليه رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، الذي يؤكد في مجالسه أن الفرنسيين وحدهم يهتمون بالشأن اللبناني والاستحقاق الرئاسي، ما يدل أنه وفي حال لم يكن على أجندة كولونا أي حلول مرتقبة في وقت قريب، فعندئذٍ لبنان ذاهب إلى شغور رئاسي طويل، وحينئذ تكون اللعبة مفتوحة على الفوضى والمزيد من الانهيار المؤسَساتي والإقتصادي والمالي، وبناء عليه، فإن التعويل الأساسي على زيارة وزير الخارجية الفرنسية، والمساعي الجارية في العواصم الدولية وسواها، لحضّ المسؤولين اللبنانيين على الإسراع في انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.

 

وفي هذا الإطار، فإن المساعي والاتصالات الجارية بين الكتل، وفق القارئين في هذا الحراك، هي مضيعة للوقت ولملء الفراغ، على اعتبار أن ثمة كتلا كثيرة لم تحسم خياراتها بعد، وهذا ما ظهر من خلال تصريحات نواب هذه الكتل، أكان من قبل “التغييريين” وغيرهم من “التجدّد” و”الإعتدال” والمستقلين، نظراً لصعوبة إتخاذ الموقف المناسب أو الحاسم لتحديد خياراتهم ومن هو مرشّحهم، وتعزو المصادر المتابعة ذلك إلى ترقّبهم لزيارة كولونا والمساعي الجارية دولياً حول الإستحقاق الرئاسي، بمعنى أن ما يحصل في الداخل لا يحسم أي جلسة من شأنها انتخاب الرئيس العتيد، في ظل التباعد والإنقسام بين المكوّنات النيابية على اختلافها. وهذا أيضاً ما ظهر بعد إعلان رئيس المجلس تأجيل الجلسة إلى الخميس المقبل، بفعل المواقف التي أدلى بها رؤساء الكتل ونواب آخرين، حيث برزت الهوّة العميقة بين التكتلات النيابية، ما يؤكد بما لا يقبل الشك أن التسوية الدولية ـ الإقليمية هي الحل، نظراً لدقة الوضع الداخلي والإنقسام العمودي بين الأطراف المحلية، وحتى بين من كانوا في أحلاف سياسية وانتخابية لسنوات طويلة.