Site icon IMLebanon

إسرائيل تفاوض عبر إعلامها حول «أثمان» التهدئة مع لبنان

     

 

بدأت إسرائيل تفاوض لبنان عبر إعلامها، استباقاً لمرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في غزة، والذي يؤدي وفقاً لشروط حزب الله إلى تهدئة على الجبهة اللبنانية. والخطوة جزء من أداء إسرائيلي على أكثر من مستوى، يستكمل جهود تل أبيب ومساعيها في الأشهر الماضية، سواء عبر التهديدات التي لم تتوقف أو عبر «اقتراحات حلول» يُطلق عليها «مبادرات» من أطراف ثالثة وسيطة، كما هي حال أكثر من مبادرة أميركية كان مضمونها يختلف وفقاً للمتغيرات، وكذلك المبادرة الفرنسية، الإسرائيلية المنشأ والهوية والأهداف.والتفاوض عبر الإعلام العبري ليس جديداً، بل من سمات آلية التفاوض غير المباشر التي تعتقد تل أبيب أن في إمكانها استغلالها لتعزيز موقفها، بإشاعة ما من شأنه خفض سقف توقعات الجانب اللبناني من أي اتفاق يمكن التوصل إليه لاحقاً.

حدث ذلك، بوضوح، قبل التوصل إلى الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية، في ظل الحكومة الإسرائيلية السابقة التي تراجعت في نهاية المطاف وأقرّت بالحق اللبناني، بعد تظهير لافت، استمر طوال مدة التفاوض غير المباشر، لرفض «تنازل» إسرائيل عن مصالحها البحرية، ولو أدى ذلك إلى مواجهة عسكرية شاملة في مواجهة حزب الله.

واحدة من «المناورات التفاوضية» الإسرائيلية الأخيرة، عبر الإعلام العبري، كانت بالحديث عن «صعوبات قانونية» تحول دون التنازل أمام حزب الله عن عدد من النقاط الخلافية على طول الحدود مع لبنان، إذ يتطلب مثل هذا التنازل إجراء استفتاء شعبي وقبول 80 عضواً في الكنيست، ما يكاد يكون مستحيلاً.

ووفقاً لصحيفة «هآرتس»، منصة الخطوة التفاوضية الإسرائيلية، فإن كل ما يمكن لتل أبيب أن تقوم به، نظراً إلى الصعوبات القانونية، أن تعلن عن «استعداد مبدئي لإجراء تعديلات حدودية بينها وبين لبنان، على أن تناقش التفاصيل الدقيقة لاحقاً، بعد توقيع اتفاق يؤدي إلى تهدئة في الشمال».

بطبيعة الحال، من المشكوك فيه أن يلقى مثل هذا «العرض» آذاناً صاغية في لبنان، تحديداً لدى حزب الله، إذ لا يتساوق مع الحد الأدنى المطلوب لتهدئة تريد إسرائيل منها تحقيق كل شروطها، من دون أن تدفع ما يقابلها للجانب اللبناني.

وحتى الأمس، كان المفاوض اللبناني يتعامل مع انسحاب إسرائيل من النقاط الحدودية الـ 13 المتنازع عليها على أنه أمر مفروغ منه، ويتطلع إلى أكثر من ذلك بأضعاف، بما يحقق أقصى مطالب لبنان ومصالحه عبر اتفاق التهدئة، وإن لم تتبين حدود هذه المطالب ونطاقها، بانتظار انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

في خطوة تل أبيب التفاوضية، عبر «هآرتس»، أكثر من دلالة، تتجاوز السعي المبكر إلى خفض توقعات لبنان في اليوم الذي يلي، أهمها أنّ أثمان اتفاق التهدئة مع الجانب اللبناني مطروحة بقوة على طاولة النقاش والتقدير في تل أبيب ولدى صانع القرار فيها، تمهيداً للخطوة المقبلة لدى استحقاقها.

«صعوبات قانونية» أمام الانسحاب من النقاط الخلافية على الحدود مع لبنان

 

كشْفُ «الأخذ والرد» الإسرائيليين عبر الإعلام، في هذه المرحلة تحديداً من الحرب على قطاع غزة، يشير إلى اقتراب موعد الاستحقاق المشار إليه، ما يوجب على المفاوض الإسرائيلي مباشرة الخطوات الاستباقية، بما يؤمّن له، وفقاً لرهاناته، تليين موقف لبنان وشروطه.

وعبر إثارة موضوع النقاط الحدودية والإشارة إلى أن صعوباته القانونية ستؤخر الاتفاق عليها إلى ما بعد موعد استحقاق الهدنة مع لبنان بالتزامن مع وقف الحرب على غزة، يريد الإسرائيلي أن يحصر النقاش في النقاط وصعوباته، وهو رهان يصعب تمريره لدى حزب الله الذي خبر طويلاً تكتيكات العدو التفاوضية.

وما ينبغي التوقف طويلاً أمامه، نظراً إلى دلالاته، أن الخطوة الإسرائيلية تأتي في أعقاب ما يُسمى «المبادرة الفرنسية»، التي يرجح أن الجانب الفرنسي كان مجرد عامل توصيل فيها، إذ إنّ شكلها ومضمونها واشتراطاتها تتوافق بالمطلق مع المصالح الإسرائيلية، مقابل تهميش المصالح اللبنانية. وكيفما اتُّفق، تبدو الخطوة الإسرائيلية محاولة لرد اعتبار ما رآه الجانب الإسرائيلي إهانة لمبادرته عبر الجانب الفرنسي، بعد قيام حزب الله بـ«رميها في صندوق القمامة»، وفقاً للتعبيرات العبرية التي قرأت جيداً الرد اللبناني عليها.