Site icon IMLebanon

شروط الثنائي أطاحت بمبادرة ماكرون رغم الكلام عن استمرارها

 

من أفشل المبادرة الفرنسية باشتراطه الحصول على وزارة المالية وتسمية وزرائه، ليس في وارد تسهيل تشكيل أي حكومة إذا لم تكن وفق هذه الشروط وتحقق له مطالبه التي ما زال مصراً عليها أكثر من أي وقت مضى. ولا يبدو استناداً لمعلومات «اللواء» من أوساط نيابية بارزة أن هناك في الأفق ما يشير إلى احتمال حصول أي خرق في جدار الأزمة الحكومية المرشحة لأن تطول أسابيع، في ظل عدم استعداد رئاسة الجمهورية لتحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، طالما أن الأمور ما زالت على هذه الضبابية التي لا تسمح بحصول تفاهم على موضوع تشكيل الحكومة. وتقول الأوساط أن طرح الرئيس نجيب ميقاتي، كان مجرد فكرة للنقاش ولم يعلن أي طرف تبنيها، وبالتالي فإنها لن تكون محور نقاش في المرحلة المقبلة، بحكم أن المعترضين عليها أكثر بكثير من المؤيدين.

 

وتأخذ الأوساط على «الثنائي الشيعي» مسؤوليته في إيصال الأمور إلى ما وصلت إليه، بعدما دفع تعنته إلى إسقاط المبادرة الفرنسية التي لم تعد موجودة، رغم كل ما يقال عن أنها ما زالت حية، في وقت تعتبر مصادر نيابية في تكتل «لبنان القوي» أنه كانت هناك فرصة للحل من خلال ما تضمنته مبادرة الرئيس إيمانويل ماكرون، لكن شروط «الثنائي الشيعي» أطاحت بكل شيء، ما جعل الوضع على درجة كبيرة من التعقيد، بحيث يبدو حتى الآن أن الأفق ما زال مسدوداً، بانتظار حصول خرق في الجدار لا يبدو متوقعاً في المدى المنظور، مشيرة إلى أن «التيار العوني» لديه ملاحظات عديدة على كيفية التعامل مع المبادرة الفرنسية عند مناقشتها، وهو الذي أبدى كل استعداد لتسهيل تنفيذها، في إشارة برأي المراقبين إلى امتعاض تكتل «لبنان القوي» من أداء «الثنائي» في موضوع المبادرة، وكيف كانت شروطه سبباً في إفشالها.

 

ويشير هؤلاء إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي وعدد من الحلفاء، أبدوا معارضتهم منذ البداية لـ«تطييف» الوزارات، أي أنهم ما كانوا مؤيدين لشروط «الثنائي» بالحصول على حقيبة «المالية»، وقد عبر الرئيس عون وتياره السياسي عن ذلك في أكثر من مناسبة، لا بل إن رئيس الجمهورية قدم أكثر من عرض لـ«حزب الله» يتضمن توفير الضمانات التي يريدها، إلا أن الأخير رفض كل هذه العروض وبقي مصراً على موقفه، الأمر الذي يكشف عن وجود أزمة عميقة بين الحزب و«العوني»، وهذا ما ظهر في الكثير من التصريحات التي صدرت عن «الوطني الحر»، وما تضمنته من انتقادات مبطنة لطريقة تعامل «الحليف» مع المبادرة الفرنسية.

 

لا أمل يرتجى ما لم تستعد الثقة العربية والدولية بلبنان ومؤسساته عبر حكومة ذات مصداقية

 

ولا تتردد بعض الأوساط في القول أن هناك في «التيار العوني»، من يدعو إلى ضرورة إجراء مراجعة نقدية مع القوى الحليفة، من أجل تصحيح ما شاب العلاقات من أخطاء، وبالتالي إعادة رسم صورة واضحة لمستقبل هذه العلاقات، في ضوء الكثير من التجارب التي تركت انعكاساتها السلبية في أكثر من محطة، وهذا لمصلحة جميع الأطراف، مشيرة إلى أن علاقات الحلفاء تحتاج دائماً إلى تنقيتها من الشوائب التي اعترتها خلال الممارسة. لكنها في المقابل تؤكد أن مصلحة البلد يجب أن تتقدم على أي مصلحة أخرى، باعتبار أن هناك مخاطر جسيمة تتهدد لبنان في المرحلة المقبلة، لا يمكن التعامل معها بهذا القدر من الاستخفاف. وبالتالي يجب على الجميع أن يتحمل المسؤولية ويشارك في عملية الإنقاذ التي تتطلب جهوداً استثنائية من القوى السياسية المعنية بإخراج البلد من أزماته.

 

وتشدد على أن المطلوب تقديم تنازلات على غرار ما قدمه «التيار الوطني الحر» تجاه المبادرة الفرنسية، وهذا ما يفرض التنازل عن الشروط من هنا وهناك، بما يسمح بتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، للسير بالخطوات الدستورية من أجل تشكيل حكومة جديدة، تضع البلد على السكة الصحيحة وتنقذه من المأزق الذي يتخبط به، على أمل استعادة الثقة العربية والدولية بمؤسساته، ما يسمح بمد يد العون والمساعدة لإنقاذه من الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يحاصره بعواقب وخيمة.