IMLebanon

طمُوحات إنتخابيّة داخليّة وتأثيرات خارجيّة عرقلت التشكيل

المبادرة الفرنسية ليست مفتوحة… وقد تصبح في خطر؟!

إنتقل الحديث خلال الأيّام القليلة الماضية من توقّع ولادة الحُكومة الجديدة في عطلة نهاية الأسبوع التي إنقضت أو مطلع الأسبوع الحالي، إلى الحديث عن تكاثر العراقيل وعن العودة إلى نقطة الصفر! فما الذي حصل وبدّل المُعطيات؟

 

بحسب أوساط سياسيّة مُطلعة، إنّ عاملين مُتوازيين عَرقلا عمليّة التشكيل التي كانت تسير في البداية بزخم إيجابي، قبل أن تتعثّر. وأوضحت أنّ العامل الأوّل مُرتبط بتاثيرات خارجيّة حيث تُوجد جهات عدّة تعتبر أنّه يجب إنتظار ظُهور نتائج الإنتخابات الرئاسية التي ستجري اليوم الثلاثاء، لكن طبعًا وفق التوقيت الأميركي المُتأخّر عن توقيت لبنان، وكذلك إنتظار ليس فقط تحديد إسم الفائز، وإستلامه السُلطة، بل أيضًا إستشراف المرحلة المُقبلة من سياساته الخارجيّة، والتي تختلف عمليًا عن الخُطابات الرنّانة التي تهدف عادة لكسب الأصوات. وتابعت الاوساط أنّ التأثيرات الخارجية لا تقتصر على الإنتخابات الرئاسيّة الأميركيّة، بل تشمل أيضًا فرنسا الدولة التي أخذت على عاتقها تقديم مُبادرة للإنقاذ، حيث أنّ باريس غارقة حاليًا بمشاكلها الأمنيّة الداخليّة، وبإستيعاب الإعتراضات الإسلامية على خُطاب رئيسها ايمانويل ماكرون، الأمر الذي سيَحدّ من مُتابعة الرئيس الفرنسي وإدارته الخارجيّة، لتفاصيل الملفّ اللبناني.

 

ولفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى أنّ العامل الثاني هو داخلي، ومُرتبط بصراعات سياسيّة وحزبيّة وخُصوصًا بطُموحات إنتخابيّة. وأوضحت أنّ رئيس الحُكومة المُكلّف سعد الحريري أصرّ على حُكومة مُصغّرة تتكوّن من 18 وزيرًا على الأكثر أو أقلّ إذا أمكن، في مُقابل إصرار رئيس الجُمهوريّة العماد ميشال عون على حُكومة من 20 وزيرًا على الأقلّ أو اكثر بقليل إذا أمكن، علمًا أنّ «الثنائي الشيعي» وأحزاب أخرى عدّة يُفضّلون جميعهم الحكومة المُوسّعة تحت عنوان أن ينال كل وزير حقيبة وزاريّة. وأضافت الأوساط نفسها أنّ الخلاف لا يقتصر على الحقيبة الدُرزيّة الثانية، بل يطال أيضًا الثلث المُعطّل أو الضامن في الحُكومة. وتابعت الاوساط، أنّه إضافة إلى الوزير الدرزي من حصّة رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي وليد جنبلاط، يُطالب رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان مدعومًا من التيّار الوطني الحُر بوزير من حصّته، بحيث لا يعود بإمكان جنبلاط سحب وزيره وتعريض ميثاقية الحُكومة للخطر، ويُعزّز إمساك «التيار» بالثلث زائد واحد، في مُقابل مُطالبة الحريري بتقسيم الحكومة وفق ثلاثة أثلاث لعدم إعطاء أي طرف القُدرة على إسقاط الحُكومة وحده. ولفتت إلى أنّه أكثر من ذلك، إنّ تمثيل أرسلان الذي لم يمنح الحُكومة الثقة، والذي لم يحضر أصلاً إلى إستشارات التكليف، يُمكن أن يفتح الباب أمام تمثيل «اللقاء التشاوري» و«القوات»، وقوى أخرى لم تدعم عمليّة التكليف ولها حُضورها النيابي الفاعل. كما أنّ مُطالبة ارسلان بحقيبة درزية من إثنتين، بحجّة أنّ الأكثر تمثيلاً في طائفته، أي جنبلاط، لا يجب أن يحتكر التمثيل، دفع المردة إلى التمسّك بالمُطالبة بحقيبتين مسيحيّتين، خاصة وأنّ الكتائب وخُصوصًا القوات خارج الحُكومة.

 

من جهة أخرى، أكّدت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّه من بين العقبات التي تُعرقل ولادة الحكومة ايضًا، الخلاف على توزيع الحقائب، حيث أنّ رئيس الجمهورية يُريد الإحتفاظ بوزارتي الدفاع والعدل وضمّ وزارة الداخلية، وذلك بهدف الإمساك بالأمن والقضاء بشكل كامل، كما ينصحه عدد من المُستشارين. وأوضحت الاوساط، أنّ وزارة الداخلية هي مطلب أكثر من جهة أيضا في حال إعتماد مبدأ المُداورة، كونها تُعتبر وزارة الإنتخابات النيابية، حيث أحدًا غير مُقتنع أنّ الحُكومة الجديدة ستحكم لمدّة ستة أشهر فقط كما يتردّد في بعض الأوساط السياسيّة والإعلاميّة، بل هي ستبقى حتى موعد الإنتخابات النيابيّة المُقبلة. وقالت إنّ «الداخليّة» هي محلّ نزاع بين التيّار والمردة، مع وُجود مُعلومات تؤكّد تمسّك رئيس «التيّار» النائب جبران باسيل الذي زار بعبدا أخيرًا، بوزارة الطاقة أيضًا. ولفتت إلى أنّ المُستقبل الذي أبدى إستعداده للتخلّي عن الداخليّة ضُمن المُداورة الشاملة، يريد وزارة الخارجية، ليلعب وزير الخارجيّة دور اليد اليُمنى للحريري في تسهيل وُصول المُساعدات الدَوليّة، ويريد أيضًا وزارة الأشغال لطابعها الخدماتي المُمتاز. وأشارت الاوساط إلى أنّ الخلافات لا تقتصر على وزارة الأشغال، بل على مُختلف الحقائب الخدماتية بامتياز، لانّ الأفرقاء السياسيّين بدأوا التفكير بالإنتخابات النيابيّة المُقبلة، وبسُبل تعزيز مصالحهم الإنتخابيّة من خلال تقديم الخدمات.

 

وكشفت الأوساط السياسيّة المُطلعة عن تعرّض الحريري لإنتقادات من داخل صُفوف أنصار «تيّار المُستقبل»، بحجّة أنّه وقع في خطأ التقدير مُجدّدًا، وأنّه تراخى كثيرًا بشكل سمح لخصومه برفع سقف مطالبهم مرّة أخرى، بينما ردّ جزء آخر من المؤيّدين بأنّ الحريري لا يزال مُمسكًا بورقة التكليف وهو لن يتنحّى عنها، ما يجعله بموقع قوي لأنّ الوقت يمرّ من الفترة المُتبقية من عمر العهد. وختمت الأوساط كلامها بالقول إنّ المُبادرة الفرنسية ليست مَفتوحة، وهي قد تُصبح في خطر في حال تغيّرت الظُروف أو في حال غرقت القيادة الفرنسيّة أكثر بمشاكلها الداخليّة، الأمر الذي قد يدفع رئيس الحُكومة المُكلّف إلى التفكير جديًا بحسنات وبسيئّات رفع حُكومة «أمر واقع» إلى العماد ميشال عون فهل يُقدم على هذه الخُطوة في حال بقاء الأفق مُغلقًا، أم أن وساطات رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ستُرجئ هكذا خُطوة، وسُتعطي المزيد من الوقت لإتصالات الحلحلة؟