جري اتصالات بعيدة عن الأضواء ووسط كتمان شديد بغية تشكيل الحكومة الأمر الذي بدا أنه يحتاج إلى شبه معجزة في ظل التعقيدات والعراقيل التي تحصل على غير خط وصعيد، سيما من خلال التسابق على الحصص إضافة إلى الشروط والشروط المضادة مما يعيق الولادة الحكومية أمام هذه الأجواء الضبابية والتي ارتفع منسوبها في الأيام الماضية على خلفيات داخلية واقليمية ودولية عبر فرض العقوبات على النائب جبران باسيل، وبالتالي تعتبر هذه المسألة أيضاً رسالة إلى حزب الله ومن يدعمه من خارج الحدود.
هذه الأجواء فرضت نفسها مؤخراً، وقد يكون لها تأثيرات إضافية على صعيد التأليف في ظل خلط الأوراق، ولا سيما أن المبادرة الفرنسية التي على أساسها تمّ تكليف الرئيس سعد الحريري على أن تكون حكومته العتيدة من روحية هذه المبادرة فقد بدا أنها خضعت لعملية فرملة في ظل ما يحيط بها من عوائق، أولاً لعدم التزام القوى السياسية والحزبية والمرجعيات كافة بما تعهدوا به في قصر الصنوبر خلال لقائهم بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إضافة لذلك فإن العامل الأساسي تمثل في الأحداث والأعمال الإرهابية التي تعرضت لها باريس ومدن أوروبية أخرى مما سلط الأضواء على هذه الأحداث التي تعتبر أولوية على الصعيد الفرنسي والأوروبي والمجتمع الدولي بشكل عام، بينما كان للإستحقاق الرئاسي الأميركي دوره المفصلي في خطف الأضواء وبعدما أضحى هذا الحدث هو الطاغي أميركياً ودولياً وبمعنى آخر لم يعد الإهتمام الفرنسي والدولي على الملف اللبناني كما كانت الحال خلال الزيارتين اللتين قام بهما ماكرون إلى لبنان لجملة ظروف واعتبارات.
وفي المعلومات الواردة من جهات سياسية فاعلة فإن المبادرة الفرنسية مستمرة ولكن ليس على الوتيرة عينها وهذا ما يكشفه أحد النواب السابقين الذي له علاقات وصداقات مع مسؤولين فرنسيين وينقل عنهم بأن ثمة عتباً واستياءً عارماً على تلكؤ المسؤولين في تأليف الحكومة وهذا لن يساعد في أي إصلاح أو ينقذ لبنان بل من شأنه أن يفاقم الأمور ويعيدها إلى المربع الأول قبل زيارتي ماكرون إلى بيروت واطلاق مبادرته التي حظيت بإجماع دولي وعربي ولكن في لبنان ثمة من يعمل على عرقلتها والدلالة التأخير في تشكيل الحكومة وهذا وفق المعلومات سيؤدي إلى رفع الغطاء الدولي عن الكثير من المسؤولين وهناك عقوبات ستفرض على البعض منهم لأنهم يساهمون في تدمير بلدهم وبالتالي إذا استمرت الأمور على ما هو عليه سيكون هناك مواقف دولية حاسمة تجاه هؤلاء المسؤولين الذين تنصلوا من كل تعهداتهم أمام الرئيس الفرنسي وهذا ما سيؤثر على الوضع اللبناني وتحديداً الشأن الإقتصادي الذي يزداد تدهوراً و قد يتجه إلى ما هو أخطر مما هو عليه في حال لم تتشكل الحكومة في أقرب وقت ممكن وبالتالي المؤشرات تصب في خانة التصعيد السياسي الداخلي وكذلك مواصلة المجتمع الدولي في اتخاذ المزيد من الإجراءات والخطوات بحق مسؤولين لبنانيين على خلفية سياسية وأمنية ومالية.
لذا فإن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة ولكن ما هو شبه مؤكد أن الأمور لم تنضج بعد أكان على خط التأليف بينما الواضح أن الاستياء الدولي سيكون له ارتدادات سلبية على مجمل الأوضاع اللبنانية.