Site icon IMLebanon

إذا كان عون حريصاً على المبادرة الفرنسية الإنقاذية فلماذا رفض تشكيلة الحريري؟

 

جاء البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية بعد لقاء الرئيس ميشال عون بالرئيس المكلف سعد الحريري في قصر بعبدا، أول أمس، بمثابة رفض غير مباشر للتشكيلة الحكومية التي قدمها الرئيس الحريري إلى رئيس الجمهورية، والمؤلفة من 18 وزيراً اختصاصياً غير محسوبين على القوى السياسية. وبمثابة إعلان رئاسي عن أنه لن تكون هناك حكومة، إلا وفقاً للتصور الذي يضعه الرئيس عون وفريقه السياسي. بعدما كشفت المعلومات أن هذا الفريق يريد الحصول بكافة الوسائل على الثلث المعطل في الحكومة الجديدة. وبالتالي عندما أدرك أن تشكيلة الحريري لا توفر له هذا المطلب، قام برفضها متذرعاً بأنها لا تلبي معايير التأليف التي حددتها الرئاسة الأولى. وهو ما يفسر صدور البيان الرئاسي الذي أثار انتقادات واسعة من جانب تيار «المستقبل» وحلفائه الذين اتهموا رئيس الجمهورية بمحاولة مصادرة صلاحيات الرئيس المكلف.

 

وإذا كان الرئيس الحريري قد أعلن أنه ينتظر اتصالًا من الرئيس عون لتسلم ملاحظاته بشأن التشكيلة الوزارية، إلا أن المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» تشير إلى أن رئيس الجمهورية لن يقبل بأن يسمي الرئيس المكلف الوزراء المسيحيين، ولذلك تم رفض هذه التشكيلة التي قدمها الرئيس الحريري، في ظل إصرار من جانب العهد على أن يحصل على سبعة وزراء إذا كانت الحكومة مؤلفة من 18 وزيراً، في وقت لا زال رئيس الجمهورية يدفع باتجاه توسيعها إلى عشرين وزيراً، وهو ما يرفضه الرئيس المكلف بشدة. وأشارت المعلومات وفقاً للمعطيات المتوافرة أن العهد لن يوافق إلا على التشكيلة التي تلبي مطالبه وترضي طموحاته، وإن تأخرت الولادة الحكومية أكثر من ذلك، في وقت يستعجل الرئيس الحريري التشكيل لأن البلد لم يعد يحتمل المزيد من الانهيار على كافة المستويات، ولا بد من الإسراع  في عملية التأليف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

 

وتخشى أوساط نيابية أن تكون عملية التأليف قد عادت فعلاً إلى نقطة الصفر، بعد رفض الرئيس عون للتشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف، بعدما قام بما هو مطلوب منه في التوصل إلى توليفة وزارية تضم شخصيات اختصاصية مستقلة غير حزبية، كما التزم بذلك عند تكليفه. وبالتالي فإنه بذلك رمى الكرة في ملعب رئيس الجمهورية شريكه الوحيد كما يقول الدستور في عملية التأليف، في وقت يدرك الرئيس المكلفt أن رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل يحاول العمل من أجل التدخل في عملية التشكيل لفرض شروطه في الحصول على الثلث المعطل، وأن يسمي الوزراء المسيحيين المحسوبين على فريقه السياسي. وهو أمر لا يمكن التساهل معه من قبل الرئيس الحريري الذي يريد أن يشكل حكومة وفق المعايير التي سبق ووضعها عند تكليفه.

 

وتؤكد الأوساط أن مجريات الأمور المتصلة بعملية التأليف، لا توحي أن فريق العهد يتعامل بجدية مع مقتضيات التشكيل الذي يواجه صعوبات عديدة. بدليل إصراره على تنفيذ شروطه رغم كل المآسي التي حلت بالبلد، وما يواجهها من مخاطر اقتصادية ومالية تهدد مستقبله، متسائلة عن الأسباب الحقيقية وراء تمنع رئيس الجمهورية عن القبول بالصيغة التي قدمها له الرئيس المكلف؟ فإذا كان رئيس الجمهورية حريصا على تطبيق المبادرة الفرنسية فعلاً، فلماذا لم يوافق على تشكيلة الحريري التي تتوافق إلى حد بعيد مع مضمون هذه المبادرة؟ ولماذا الإصرار على المصالح الفئوية على حساب مصلحة لبنان وشعبه؟

 

وعلى هذا الأساس فإن معرقلي الولادة الحكومية ما زالوا يضربون عرض الحائط بكل النصائح والتحذيرات العربية والدولية من مغبة عدم الأخذ بعين الاعتبار لوضع لبنان المتهالك، ما يحتم الإسراع في التجاوب مع المبادرة الفرنسية التي تشكل الخلاص للبنان من هذا المأزق، على ما أكد عليه وما يزال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي سيزور لبنان في الحادي والعشرين من الجاري.

 

والسؤال الذي يطرح: بماذا سيرد المسؤولون اللبنانيون على الضيف الفرنسي في سؤاله عن الأسباب الجوهرية التي تحول إلى الآن دون تأليف الحكومة، ولماذا لم يتم الأخذ ببنود مبادرته الإنقاذية؟ وهل يدرك المسؤولون أن لبنان يواجه خطر الموت والزوال، على ما قاله وزير خارجيته جان إيف لودريان؟ لا يبدو من خلال ممارسات بعض هؤلاء المسؤولين أن هناك من هو ضنين فعلاً بمصلحة البلد والناس، باعتبار أن الوقائع لا توحي بذلك تماماً. فأي إحساس بالمسؤولية لدى هذه الفئة من المسؤولين التي تضع الحصول على الثلث المعطل أولوية قبل مصلحة لبنان؟ فيما الشعب يئن من الجوع والحرمان بعدما فقد كل ثقته بهذه الطبقة الحاكمة؟.