IMLebanon

ازمة لبنان بالخارج تؤخر تشكيل الحكومة وتؤجّج الصراع الداخلي

 

ربط المسؤولون في لبنان، ازمتهم لا بل ازماتهم، بما يحصل في الخارج، اذ وضعوا تاريخاً لتشكيل الحكومة، وهو تسلم جو بايدن الرئاسة الاميركية التي انتخب لها في 20 كانون الثاني الحالي، لمعرفة سياسة الادارة الجديدة تجاه لبنان اولاً، وفي المنطقة ثانياً.

 

وهذا الربط بدأ ايضاً مع طرح الرئىس الفرنسي ايمانويل ماكرون لمبادرته تجاه لبنان، لمساعدته للخروج من ازمته المتعلقة بالانهيار المالي والاقتصادي وتفاقم الوضع الاجتماعي والمعيشي، وقد رشح الرئيس سعد الحريري نفسه لرئاسة الحكومة تحت سقفها، مما يعني ان الاطراف اللبنانية هي التي تربط لبنان بأزمات المنطقة خصوصاً وازمات في العالم عموماً.

 

وهذا ما ينطبق على صراع المحاور في المنطقة اذ ان اللبنانيين منقسمون بين محورين الاول هو المقاومة ضد العدو الاسرائىلي الذي له امتدادات تبدأ من دمشق وتصل الى طهران وتمتد الى فلسطين واليمن والعراق، والثاني له تحالفات مع دول عربية لا سيما خليجية وتحديداً السعودية، وهي دول اقامت علاقات مع الكيان الصهيوني، وفق قراءة مصدر سياسي الذي يشير الى ان الشعار الذي كان يُرفع تحت عنوان «صراع الآخرين على ارض لبنان»، هو الواقع بعينه، لان قوى سياسية وحزبية لبنانية، تجاهر في علاقاتها الخارجية، وارتباطاتها بمحاور، وهذا الامر، ليس جديداً، بل هو يعود الى عقود، لا بل الى حوالى قرنين مضيا، عندما وضع لبنان تحت حكم المتصرفية، وتولت دول حماية الطوائف في لبنان، في بروتوكول عام 1864، الذي أتى نتيجة صراع ومصالح دول على لبنان، في زمن السلطنة العثمانية، وعلى وراثتها من دول اوروبية، فجرى تقسيم جبل لبنان الى قائمقاميتين، الاولى يتولاها درزي في جنوب جبل لبنان، والثاني مسيحي وفي الجزء الشمالي منه، وكانت بداية الطائفية السياسية فيه.

 

لذلك فإن لبنان الذي نشأ بقرار فرنسي قبل مئة عام ما زال محكوما بصراعات الخارج عليه، من خلال قوى داخلية تقول المصادر وان الحلول لازماته كانت تأتيه من تدخل خارجي، لان للخارج يد في افتعالها، اذ ان نظرة الى التاريخ منذ الاستقلال حتى اليوم فإن لبنان مر بصراع بريطاني – فرنسي انتهى الى حكم موال للانكليز، كما ان ازمة العام 1958 التي تحولت الى اقتتال داخلي كانت بسبب ارتباط اطراف لبنانية مع المشروع الاميركي وعلى رأسها الرئىس كميل شمعون الذي انتهى عهده بتسوية مصرية – اميركية، اتت بالرئىس فؤاد شهاب رئىسا للجمهورية، ليتبع ذلك اتفاق القاهرة بعد معارك عسكرية بين الجيش والمقاومة الفلسطينية، وتطورت الى حرب داخلية حصلت خلالها دخول عسكري الى لبنان سوري واسرائىلي واميركي وفرنسي، ولم يخرج اللبنانيون من الحرب الا باتفاق الطائف عام 1989، وبعد ذلك اتفاق الدوحة في العام 2008.

 

ولم يؤد طرح الحياد ومنذ عقود الى ان لا تتوالد الازمات في لبنان ومنها ما له علاقة بتكوين النظام السياسي على اساس طائفي اعتبره البعض نعمة «وديموقراطية توافقية» ليظهر بأن الحالة الطائفية فتنة دائمة، تقول المصادر التي تكشف بأن هوية لبنان لم تحسم بعد وليس جغرافيا بأنه ذو انتماء عربي بل موقعه من الصراع مع العدو الاسرائىلي، او في لعبة المحاور والامم، اذ ثمة خلل لا بدّ من حله، ولم يعد تشكيل الحكومة يفيد في انهاء الازمة في لبنان التي باتت ابعادها خارجية، وانقسام اللبنانيين حول العلاقات مع سوريا وموقفهم من نظامها وصولا الى ايران التي تعتبر بيروت احدى العواصم العربية الاربع التي لها نفوذ فيها وبأن سلاح المقاومة بات في موقع المواجهة مع العدو الاسرائىلي، ليأتي الرد عليه من قوى سياسية تدعو الى اخراج لبنان من المحور الايراني، وعودته الى حضنه العربي وهو موقف تعبر عنه ما كان يعرف بقوى 14 آذار.

 

ولبنان في المشهد السياسي هو في صراع بين محاور خارجية، يظهر في تشكيل الحكومة التي لا تريدها اميركا ودول حليفة لها بأن يكون «حزب الله» مشاركا فيها في وقت يرى «حزب الله» ان دخوله الى الحكومات منذ العام 2005، كان لحماية المقاومة، وهذا ما يعقّد الوضع الداخلي اللبناني الذي لم يعد مسموحا للحريري «ربط النزاع» فيه او الوصول الى تسويات هو يتمناها، لكنه لم يعد قادرا بعد ربط ازمة لبنان بأزمات المنطقة.