IMLebanon

في ميزان عون : اللامداورة خرق للمبادرة الفرنسية… و»العدل» لا تُقايَض بـ «الداخلية»

ميقاتي يُمهِل ويُحذر.. وفرنسا تعده بالتدخل.. لكن لا شيء ملموس.. والحكومة صعبة!

 

… وفي الاجتماع الرابع انتهى «شهر العسل» الكلامي بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، انتهت «سكرة» الاجتماعات الايجابية «نظريا» لتبدأ فكرة «الجدّ الحكومي»فتتظهّر معه العقد الحكومية ، ويتمثل اولها بتمسك ميقاتي بعدم المداورة بالحقائب السيادية انطلاقا من مبدأ ان حقيبة المال باتت من حصة الشيعة وهذا امر محسوم، ما يعني عمليا تمسك ب «الداخلية» للمكون السني.

 

هذه العقدة ليست تفصيلا ، فتمسك ميقاتي ب «الداخلية»، يقابله ايضا رغبة من رئيس الجمهورية بمداورة شاملة تشمل اعطاء «الداخلية» للمسيحيين، وهذه النقطة بالتحديد شكلت اساس النقاش في الاجتماع الرابع بين الرجلين على طاولة قصر بعبدا.

 

فعلى عكس ما قيل بان ميقاتي سيخوض امس بالاسماء في نقاشه مع رئيس الجمهورية، فالرجل الذي دام اجتماعه مع عون 20 دقيقة ، خرج من اللقاء وعلى عكس الاجتماعات السابقة متجهّم الوجه، وليس غريبا ان يتقصد ميقاتي التأكيد برسالة اشبه بالتحذيرية من على منبر قصر بعبدا ان المهلة التي يضعها لنفسه غير مفتوحة وان ينهيها بعبارة «واللي بدو يفهم يفهم».

 

اكثر من ذلك، كشف ميقاتي ما كان مؤكدا، لكن هذه المرة على لسانه، اذ قال ردا على سؤال عما اذا كان يتمسك فعلا بعدم المداورة بالحقائب السيادية: «بكل صراحة المواطن زهق من المحاصصة، وكي نتفادى فتح وكر الدبابير، انا اريد المحافظة على التوزيع الوزاري في الحقائب السيادية».

 

وفي هذا السياق، رفضت مصادر مطلعة على جو بعبدا تحميل كلام ميقاتي اي سلبية، معتبرة انه اتى في اطار الرد على بعض ما قيل بالاعلام، واوضحت المصادر ان الرئيسين تابعا في اجتماع امس عملية توزيع الحقائب، وهي تشهد تغييرات، وعلى هذا الأساس بقيت نقاط تحتاج الى المتابعة لا سيما السيادية التي بقيت عالقة، لافتة الى ان ميقاتي يريد إبقاء التوزيع في الحقائب السيادية على ما هو عليه وفي بعض الحقائب الأخرى.

 

واكدت المصادر المطلعة على جو بعبدا انه لم يتم البحث في الاسماء حتى الساعة. اما عما قاله ميقاتي من ان هناك بطئا في التأليف وانه كان يتمنى لو ان الوتيرة اسرع، وما اذا كان يوجه الاتهام بالبطء لرئيس الجمهورية ، اوضحت المصادر ان لدى رئيس الجمهورية ارتباطات يوم الثلاثاء، كما ان يوم الأربعاء حداد وطني ، لذلك تقرر اللقاء الخميس من أجل إعادة توزيع الحقائب والبحث مجددا في الحقائب السيادية، مؤكدة ان هناك رغبة لدى الرئيسين بالأسراع في التشكيل، واننا لا نزال ضمن المهلة المقبولة.

 

وفي ما خص حقيبتي العدل والداخلية، وما اذا كان رئيس الجمهورية لا يزال متمسكا بحقيبة الداخلية من ضمن حصته، لفتت اوساط مطلعة على جو الرئيس عون، الى ان هناك نية لدى الطرفين واستعدادا لتشكيل حكومة، على امل ان يدوّر ميقاتي الزوايا، لا سيما في ما خص حقيبتي الداخلية والعدل كيلا تقع مرافق عامة بيد طائفة واحدة، وهذا مخالف للدستور الذي ينص على وجوب تمثيل الطوائف بصورة عادلة، وقالت الاوساط: لم يعد بالامكان الاستمرار بحكومة مستقيلة بالفعل ، ولن نؤسس لاعراف جديدة بالدستور، لكننا نستمع لحاجات الناس وضرورة الاسراع في التأليف!

 

الى العلن خرج ميقاتي متجهم الوجه بعدما انتهت اللقاءات التفصيلية الحكومية لتبدأ اللقاءات الجدية، فماذا حمل معه الى طاولة النقاش في الداخل ؟

 

مصادر مواكبة لحركة الاتصالات والاجتماعات التي حصلت في الساعات الماضية، كشفت ان العقدة لا تتمثل فقط بالداخلية، اذ ان رئيس الجمهورية يعتبر ان حقيبة العدل محسومة و»تحصيل حاصل» من ضمن حصته منذ ايام المفاوضات مع سعد الحريري ، كما انه ينطلق من مبدأ يقول ان حقيبة العدل لا يمكن ان تقارن مع حقيبة الداخلية التي هي سيادية انما مع حقيبة اخرى كالاتصالات او الاشغال او الصحة ، فيما الداخلية لا تقارن الا مع المال والخارجية والدفاع، علما ان ميقاتي منفتح على اسم توافقي مع الرئيس عون للداخلية كاللواء ابراهيم بصبوص، كما انه مستعد لمقايضة الداخلية بالعدل، فيبقي الداخلية معه ويعطي العدل لرئيس الجمهورية، فيما يعتبر الاخير ان العدل تحصيل حاصل.

 

وبالتالي تؤكد المصادر ان الرئيس عون لن يقبل التنازل عن الداخلية او اقله عن مبدأ المداورة بالحقائب السيادية، علما انه يدرك تماما ان لا نقاش بحقيبة المال، وان اي نقاش يفتح بهذا الموضوع لن يؤدي الى أي نتيجة تعاكس رغبة الثنائي الشيعي.

 

في هذا السياق، سألت مصادر مطلعة عن الهدف الفعلي من وراء التمسك بحقائب معينة وتثبيتها لفريق أو فريقين من دون الآخرين، معتبرة أن في ذلك ما يناقض أحد المبادئ الأساسية للمبادرة الفرنسية التي تتحدث عن المداورة في الحقائب الوزارية، وهذا ما تم التفاهم عليه في لقاء قصر الصنوبر مع الرئيس الفرنسي.

 

وذكَّرت المصادر بأن الصيغة الأولى التي طرحها الحريري في مرحلة تكليفه كانت راعت هذا الموضوع بعض الشيء، قبل أن يُبدل رأيه ما أدى الى عرقلة التشكيل وإضاعة تسعة أشهر على اللبنانيين، وشددت المصادر على ان عدم التقيد بمبدأ المداورة هو الذي يخلق المشاكل في المرحلة الحالية ويعرقل تأليف حكومة، لبنان واللبنانيون في امس الحاجة إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى.

 

على هذه المعطيات التي ينطلق منها الرئيس عون تعلق اوساط مطلعة بالقول : لا يمكن لرئيس الجمهورية ان يقدم تنازلات لنجيب ميقاتي لم يقدمها لسعد الحريري، كما انه يعتبر ان نجيب هو وجه آخر من الحريري، وهو اي ميقاتي، ودائما بحسب ما يرى عون، يمارس مناورة جديدة ولا نية جدية لديه بتكشيل حكومة بعهده ويفضل (اي ميقاتي ) كما رؤساء الحكومات السابقين ان يمر العهد ويستنزف من دون حكومة.

 

اما على الخط المقابل، فتؤكد مصادر مطلعة على جو ميقاتي ان الرجل جدي ولا يناور، ولو كان كذلك لما كان قبل الخوض بمهمة التأليف الانتحارية، مؤكدة انه سيستمر في سياسة تدوير الزوايا ، وسيسعى لحلول وسط مع الرئيس عون، «لكن للوقت حدود» بحسب المصادر.

 

وهنا تكشف مصادر بارزة ان ميقاتي كان تواصل بالساعات الماضية مع الفرنسيين وابلغهم بانه يواجه عقدة الداخلية، فوعدوه بالتدخل في محاولة لحلحلة المسألة، الا ان اي امر لم يلمس بعد على الارض لناحية الضغوطات الفرنسية لحل عقدة الداخلية.

 

على اي حال وبانتظار اللقاء الخامس الخميس، على قاعدة «اذا مش الاثنين الخميس»، فالاكيد حتى اللحظة ان لا حكومة قبل 4 آب . هل نكون امام معادلة : لا حكومة حتى بعد الرابع من آب برئاسة نجيب ميقاتي؟ على هذا السؤال تختم مصادر مطلعة على جو الثنائي الشيعي بالقول: النية موجودة لدى ميقاتي للتشكيل، كما ان الرجل راغب باخراج حكومة تصوّره الرجل المنقذ في اصعب فترة تمر بها البلاد، لكن «المسألة صعبة وصعبة كتير» حتى اللحظة ، الا اذا حصلت اي مفاجأة او ضغط خارجي غير متوقع!