تراجع الاهتمام بالمبادرة الفرنسية بعد الاتفاق السعودي الإيراني
تراجع الحديث مؤخرا عن المبادرة الفرنسية لاخراج لبنان من ازمة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، بعدما استحوذت على اهتمامات الوسط السياسي خلال الاشهر الماضية، إثر سلسلة لقاءات شهدتها العاصمة الفرنسية، ولا سيما مع ممثلي الدول الخمس، وهي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، وزيارات لسياسيين لبنانيين، بينهم رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي رشحه الثنائي الشيعي للرئاسة، وروجت معلومات بعدها عن قبول مبدئي فرنسي لهذا الترشيح، بالرغم من رفض واعتراض معظم مكونات المعارضة والتيار العوني على هذا التوجه الفرنسي، الذي ظهر وكأنه ينحاز لدعم وتأييد شخصية خلافية غير متوافق عليها، بما يتعارض كليا مع المبادرة الفرنسية للتوسط بين مختلف الاطراف، والتنسيق مع دول اللقاء الخماسي وطهران، للتفاهم على شخصية مقبولة للرئاسة من الجميع، ولا تشكل تحديا او استفزازا للاخرين.
اما اهم اسباب وعوامل تراجع الاهتمام بالمبادرة الفرنسية، وتحوّلها باتجاه آخر، فهي عديدة، وابرزها، الاعلان المفاجئ عن توقيع الاتفاق السعودي الايراني، لانهاء حال القطيعة والصدام بين الدولتين بوساطة صينية، وفتح صفحة جديدة في العلاقات بينهما، ما يعني المباشرة بحل المشاكل والازمات القائمة بينهما وفي المنطقة ومن بينها لبنان، وبالطبع فإن هذا الواقع الجديد، سيؤدي حتما إلى تقليص تدريجي لدور الوساطة الفرنسية، عما كان عليه خلال مرحلة القطيعة بين المملكة وايران.
السبب الثاني، سرعة التحرك العربي الذي تمثل بزيارة الموفد القطري الى لبنان مؤخرا، والتي حصلت بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية وباقي دول اللقاء الخماسي، والمروحة الواسعة من اللقاءات التي عقدها مع الأطراف السياسيين والزعماء، من دون استثناء تقريبا، والحرص على الاستماع منهم شخصيا، على وجهات نظرهم وارائهم المتعددة، لحل ازمة انتخابات رئاسة الجمهورية، واعادة النهوض بمؤسسات الدولة من جديد.
السبب الثالث، هو انعدام الثقة، بكل ماروج وتردد عن ضمانات كانت طلبتها باريس من فرنجية، بخصوص السياسات التي سينتهجها
هل بات من الصعب بعد أحداث الجنوب الوثوق بضمانات فرنجية؟
في حال انتخابه رئيسا للجمهورية من مسائل وقضايا مختلف عليها، مثل مستقبل سلاح حزب الله، وعلاقات لبنان العربية وغيرها، لاقناع باقي دول اللقاء الخماسي باسقاط تحفظاتهم على ترشحه، باعتباره مرشح تحالف مناهض لسياسات هذه الدول بالمنطقة، ومرفوض من مكونات المعارضة الداخلية اللبنانية، بعد التطورات الاخيرة في جنوب لبنان، وقيام حركة حماس بإطلاق الصواريخ على المستوطنات الشمالية الإسرائيلية، بغطاء كامل ودعم من حزب الله، وغياب اي موقف رافض من فرنجية وكل من رشحه، لهذه الممارسات التي تشكل خرقا لسيادة لبنان وتهدد امنه واستقراره.
وقد اظهرت وقائع الاحداث في الجنوب مؤخرا، استحالة الوثوق باي ضمانات او تعهدات يقدمها فرنجية كمرشح باسم حزب الله للرئاسة، لان مثل هذه الضمانات، ليست بقدرته على تنفيذها، وخارجة عن ارادته.
والسبب الاخير، فشل الديبلوماسية الفرنسية في تنفيذ المبادرة الفرنسية التي طرحها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون لانقاذ لبنان، بعد تفجير مرفأ بيروت منذ اكثر من عامين، وتراجعها عن دعم تشكيل حكومة اخصائيين، ارتكزت عليها المبادرة، وقبولها بتأليف الحكومة الحالية، كيفما كان، واخفاقها بتنفيذ او فرض عقوبات على المعرقلين لحل الازمة من السياسيين، ولم تنفذ اي منها.