لم يعد الكلام مجدياً على الانهيار والهاوية و «التحت الذي ليس تحتَه تحتٌ» الخ… اذ أضحى المطلوب، على حد قول جان – إيف لودريان، أمس، هو كيف الخروج من الانهيار؟ على حد ما روت إحدى الفاعليات التي التقت موفد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يصرّ على أن المدخل الى ذلك كله هو انتخاب رئيس للجمهورية. وهو قول منطقي لاسيما في التداعيات التي تتناسل أضراراً وكوارث جراء الشغور. وبات واضحاً أن على اللبنانيين أن يهيئوا أنفسهم (من أسف) الى نوع من الوصاية، ولكنها، هذه المرة، لن تكون على نمط الوصاية السورية، إنما أشبه بالانتداب الفرنسي، مع فارق أساسي أن المنتدب لن يكون واحداً إنما بضع دول قد يكون بعضها من مجموعة «الخماسية» .
وفي تقدير الديبلوماسي الأوروبي الغربي الصديق الذي اعتاد «شروق وغروب» أن ينقل آراءه، أن المجتمع الدولي بات على اقتناع مطلق وراسخ بأن الطبقة السياسية أوصلت البلاد والعباد الى حال مرعبة من الفوضى والانفلات والانهيار بالطبع، وصارت متعذّرة معها العودة الى وضع طبيعي للدولة اللبنانية إلّا بتدخل خارجي حازم، يُشرف ولو بشكل غير مباشر على تسيير شؤون البلاد ولو موقتاً… وعندما سألناه عمّا يقصد بالموقّت، أجاب: الى حين ينتهي فعل الفاسدين الذين أسقطوا لبنان وأفقدوه دوره.
وفي عودة الى مهمة وزير الخارجية الفرنسي السابق لو دريان، لا بد من ملاحظة التعديل الجذري الذي طرأ عليها، والمتمثل بالآتي :
أوّلاً – لم تنطلق من المبادرة الفرنسية السابقة القائمة على المعادلة /المقايضة: سليمان فرنجية ونواف سلام . وهذا لا يعني إسقاط اسم فرنجية من طليعة المرشحين البارزين.
ثانياً (واستطراداً) – ليس فيها أسماء مطروحة من قبله، ولكنه أبدى استعداداً للاستماع الى أسماء يطرحها عليه مَن أراد من الذين استمع إليهم، وطرح أسئلة محدّدة حول تلك الأسماء.
ثالثاً – إنه مقتنع بالحوار الى أبعد الحدود، ولا يهمه أن يكون في لبنان أو خارجَه، ولا أن يكون في إحدى دول «الخماسية» أو في اي دولة غيرها، في الإقليم أو في الدول الأبعد.
رابعاً – على القيادات في لبنان أن تعرف أن استمرارها في المماطلة الى ما بعد شهر أيلول المقبل سيثير استياء المجتمع الدولي «الذي لن يقف متفرّجاً».